img
يومياتي في أمريكا: بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم (45)
img
Print pagePDF pageEmail page

يومياتي في أمريكا:

بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم

(45)

والحاكمية لله …

السبت 29 من ذي الحجة 1402 (16 اكتوبر 1982)

في السادسة مساء جاءني الأخ ابراهيم المعتاز بسيارته ، وصحبني إلى مسجد ” وست هافن ” … فالليلة ميعاد محاضرة ألقيها على الشباب المسلم في المسجد ، وعنوانها ” الحاكمية لله “ .

واجتمعنا على عشاء جماعي قدمه الأخ فيصل السعودي عقيقة لوليدة رزقه الله بها سماها ” داليا ” . وبعد تناول العشاء ، وأداء صلاة العشاء بدأت المحاضرة التى تناولت المحاور والنقاط الآتية :

1-  مفهوم الحاكمية الربانية : التسليم المطلق لحكم الله ، وتحكيم شرعه في شتى المجالات … الفردية … والأسرية … والتربوية … والسياسية … والعسكرية … والعلائق الاجتماعية … والعلاقات الدولية … الخ . بحيث يقدم شرع الله على كل قانون أرضي يتعارض معه ، حتى تكون الأمة المسلمة أمة ربانية .

2-  أسلوب المستعمر في ضرب فكرة ” الحاكمية الربانية ” بكل الوسائل ومنها الاستعانة بأبناء الوطن من العلمانيين ، والمتعالمين ، والمنافقين العاشقين لزهرة الحياة الدنيا . مثل : الشيخ على عبد الرازق في إفرازه المسمى : ” الإسلام وأصول الحكم ” ، ومحمد سعيد عشماوي ، وخالد محمد خالد في كتابه ” من هنا نبدأ ” . وإن كان بعد ذلك قد تاب لله وأناب ، واعترف بخطيئتة فأصدر كتاب ” الدولة الإسلامية ” ، محا به كل الغثاء الذي أفرزه في كتابه الأول . ومن الساسة أغلب حكام العرب والمسلمين ، ولا ننسى للسادات مقولته الرديئة ” لا سياسة في الدين … ولا دين في السياسة ” .

3-  الإخوان المسلمون ودورهم في إبراز فكرة الحاكمية الربانية ، بل تبني الفكرة التى كانت وما زالت نخاع دعوتهم قولا وعملا وسلوكا وتربية ، بعد سقوط الخلافة العثمانية على يد العميل الخائن ” مصطفي كمال أتاتورك ” .

4-  تقييم نظم الحكم السائدة في البلاد العربية والإسلامية في ميزان الإسلام وفكرة الحاكمية الربانية .

5-  تواتر الآيات التى تدعو للحاكمية الربانية ومنها : ( … إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف (40) ( ….. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ) المائدة (44) ( ….. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) المائدة (45) ( …. وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) المائدة (47)

6-  ومن الأحاديث النبوية ما رواه الإمام أحمد والترمذي وابن جرير عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه لما بلغه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فر إلى الشام ، وكان قد تنصر في الجاهلية ، فأسرت أخته وجماعة من قومه ، ثم من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أخته ، وأعطاها ، فرجعت إلى أخيها ، ورغبته في الإسلام ، وفي القدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم عدي إلى المدينة ، وكان رئيسا في قومه طيء : أبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم ، فتحدث الناس بقدومه ، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في عنقه صليب من فضة فقرأ الرسول عليه السلام قوله تعالى ” ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة (31) . قال عدي قلت ” إنهم لم يعبدوهم ” فقال عليه الصلاة والسلام ” إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام ، فذالك عبادتهم إياهم . وقال السدي : استنصحوا الرجال ، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، ولهذا قال تعالى ( … وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا … ) ، أي الذي إذا حرم الشيء فهو الحرام ، وما حلله فهو الحلال ، وما شرعه اتبع ، وما حكم به نفذ .

7-  مفتريات ومغالطات وأكاذيب : ضد فكرة ” الحاكمية لله ” ، أ آيات المائدة الثلاث نزلت في حق أهل الكتاب ، وخصوصا اليهود . ب القوانين التى تحكم الآن ليست بعيدة عن الإسلام ؛ فهدفها الأساسي تحقيق العدالة والأمن والطمأنينة والسلام للناس والمجتمعات . ج إعلان الحكم بالقرآن يثير نقمة الأقليات غير المسلمة ، بل قد يؤدي إلى فتنة طائفية . ه إعلان الحكم بالقرآن قد يؤدي إلى تجمع العالم الصليبي والصهيوني لمواجهة هذه الحالة الجديدة .

 وقد رددنا على هذه المفتريات كلها ، وكان توفيق الله كبيرا .

8-  لماذا يخاف حكامنا من تحكيم المنهج الرباني ؟ أ الخوف على عروشهم ؛ فالإسلام لايعترف بتوريث الحكم ، كما يرفض الاستبداد والديكتاتورية . ب محاسبتهم على ما اقترفت أيديهم ستظهرهم على حقيقتهم لصوصا ناهبين لأموال الشعب . ج حرصهم على مباذلهم ومفاسدهم التى يعيشون فيها إلى حد الإغراق . د الخوف من القوى المهيمنة على مصائر الشعوب ، وأظهرها أمريكا ، زيادة على القوى الاستعمارية والإلحادية ، والصليبية والصهيونية .

 **********

 وكالعادة كانت أسئلة الشباب المسلم تدل على غيرة على الدين ، وإيمان صادق وحرص على المعرفة . ومن هذه الأسئلة على سبيل المثال :

1-  هل يعني هذا أن مسئولية هذا الانحراف تقع على الحكام فقط ، أم أن الشعوب تتحمل بعضا من هذه المسئولية ؟

2-  إلى متى سيظل حكامنا تابعين مستعبدين لأمريكا ، ومن والاها ، وآمن بمنهجها في التسلط ، وضرب الشعوب ، ومحاربة القيم الإسلامية ؟

3-  كيف نستطيع أن نخرج جيلا من الشباب المؤمن بالإسلام دينا وحكما وشريعة ومنهاجا ، وسيفا ومصحفا ، انطلاقا إلى قيادة العالم ؟

4-  نقرأ قاعدة إسلامية مؤداها : ” العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ” نأمل أن نسمع شرحا لهذه القاعدة ، ومكانها في المحاضرة التى عشناها على مدى ساعتين .

 **********

 السبت 29 من ذي الحجة 1402 (16 اكتوبر 1982)

قطرات نفس

مكارم الأخلاق في الشعر 2

 تحتل القيم الإنسانية والأخلاق الطيبة مساحة واسعة من ديوان الشعر العربي . ونقدم فيما يأتي قطوفا من هذا الشعر :

 القناعة

أفـادتـنـي الـقناعة كل عز
فـصـيرها  لنفسك رأس مال
اقـنـع بأيسر رزق أنت نائله
فما صفا البحر إلا وهو منتقص
وأي  غـنـى أعز من القناعة
وصـير  بعدها التقوى بضاعة
واحـذر ولا تتعرض للزيادات
ولا  تـعـكر إلا في الزيادات

 **********

 العفة

إن  الـقـنـاعـة والـعفاف
فـإذا صـبـرت عـن المنى
ألا في سبيل المجد ما أنا فاعل
لـيـغـنـيـان  عـن الغنى
فـاشـكـر فـقـد نلت المنى
عـفاف  و اقدام و حزم و نائل

 **********

 المشورة

 الرأي   كالليل  مسودّ  جوانبه                       والليل  لا ينجلي  إلا بإصباحِ

 فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى                 مصباح رأيك تزدَدْ ضوء مصباحِ

شاور  سواك إذا  نابتك  نائبة                      يوماً وان كنت من أهل المشوراتِ

 فالعين تنظر منها ما دنا ونأى                     ولا  ترى  نفسـها  إلى  بمـرآةِ

 **********

 الروية والتؤدة

 استأنِِِ تظفر في أمورك كلها                      واذا عزمت على الهدى فتوكلِ

 ومـن لم يتـئد في كل أمر                      تخطـاه  التـدارك والمـنـال

 تأنّ ولا تضق للأمر ذرعاً                        فكم  بالنجْح يظـفرُ من تـأنى

 **********

 الاتحاد والتعاون

إن القداح اذا اجتمعن  فرامَها                     بالكسر ذو حنق وبطش أيّدِ

عزّت ولم تُكسر. وان هي بُددَتْ                     فالهون  والتكسير  للمتبددِ

 تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسراً                    واذا افترقن تكسرت آحادا

 **********

 الأمانة

 واذا اؤتمنتَ على الأمانة فارْعَها                          ان الكريم على الأمانةِ راعِ

 **********

 الرفق

 ورافق الرفق في كل الأمور فلم                      ينـدم رفيـقٌ ولم يذممه انسانُ

 ولا يغرنّك حظٌّ جره خُـرقٌ                      فالخُرقُ هدمٌ ورفق المرء بنيانُ

 **********

 بر الوالدين

لأمـك حـق عـلـيـك كـبيرُ
فـكـم لـيلةٍ باتت بثقلك تشتكي
وفي الوضع لا تدري عليها مشقةٌ
وكـم  غسلت عنك الأذى بيمينها
وتـفـديـكَ مـما تشتكيه بنفسها
وكـم  مرةٍ جاعت وأعطتك قوتها
فـضـيـعـتها  لما أسنّت جهالةً
فـآهـاً  لـذي عقلٍ ويتبع الهوى
فـدونك  فارغب في عميم دعائها
عـلـيـكَ بـبر الوالدين كليهما
كـثـيـرك يـا هـذا لديه يسيرُ
لـهـا  مـن جـواها أنّةٌٌ وزفيرُ
فـمـن غُصصٍ منها الفؤاد يطيرُ
ومـا  حـجـرها إلا لديك سريرُ
ومـن ثـديـها شرب لديك نميرُ
حـنـانـاً واشـفاقاً وأنت صغيرُ
وطـال عـليك الأمر وهو قصيرُ
وآهـاً  لأعمى القلب وهو بصيرُ
فـأنـت لـمـا تـدعو إليه فقيرُ
وبـر  ذوي الـقربى وبر الأباعدِ

 **********

 صلة الرحم

وحـسـبك من ذلّ وسوء صنيعةٍ
ولـكـن  أواسـيه وأنسى ذنوبه
ولا يستوي في الحكم عبد مواصلٌ
معاداة  ذي القربى وإن قيل قاطعُ
لـتـرجـعـه يوماً إليّ الرواجعُ
وعـبـد لأرحـام الـقرابة قاطعُ

 **********

 الكرم والمعروف والإحسان

ويُظهرُ عيبَ المرءِ في الناس بخلُه               ويستره  عنهم  جميعاً  سخاؤهُ

تغطَّ   بأثواب   السخاء    فإننـي               أرى كل عيب والسخاء غطاؤهُ

أرى الناس خُلاّن الجواد  ولا أرى               بخيلاً  له  في  العالمين  خليلُ

أحسن إلى  الناس  تستعبد  قلوبهمُ               فلطالما استعبد الإنسانَ  إحسانُ

 **********

 الشكر

شكر الإله بطول الثناءِ                   وشكر الولاة بصدق الولاءِ

وشكر النظير بحسن الجزاءِ              وشكر الدنيء بحسن العطاءِ

أوليتني نعماً أبوح بشكرها                وكفيتني كل الأمور بأسرها

فلأشكرنّك ما حييت وإن أمت             فلتشكرنّك أعظمي في قبرها

 **********

 الصراحة

عِداتيَ لهم فضلٌ عليّ ومنّةٌ                  فلا أذهبَ الرحمن عني الأعاديا

همُ بحثوا عن زلتي فاجتنبتها                وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا

 

لا خيـر في وُدِّ امرئٍ متملقٍ                حلو  اللسان وقلبـه يتلهـبُ

يعطيك من طرف اللسان حلاوةً              ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ

 **********

 الأمل

لا خير في اليأس, كل الخير في الأملِ         أصل الشجاعة والإقدام في الرجلِ

أعلّلُ النفس بالآمال أرقبها                     ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ

 

وللنفوس وإن كانت على وجلٍ                    مـن المنـيـة آمـالٌ تقويهـا

فالصبر يبسطها, والدهر يقبضها                  والنفس تنشرها, والموت يطويها

 **********

 الجِدّ والعمل

ومن أراد العلا عفواً بلا تعبٍ                      قضى ولم يقض من إدراكها وَطَرَا

لا يُبلغُ السؤل إلا بعد مؤلمة                       ولا يتـم  المنى إلا لمن صبـرا

 

دعِ التكاسل في الخيرات تطلبها                    فليس يسعد بالخيرات كسلانُ

 

 لقد هاج الفراغ عليك شغلاً                        وأسبـاب البلاء من الفراغِ

 **********

 الألفة والأخوّة

أخاك أخاك ان من لا أخا له                       كساع الى الهيجا بغير سلاح

 

هموم رجال في أمور كثيرة                       وهمّيَ في الدنيا صديقٌ مساعدُ

نكون كروح بين جسمين قُسِّمت                    فجسماهما جسمان والروح واحدُ

 

وما المرء إلا بإخوانه                              كما تقبض الكف بالمعصمِ

ولا خير في الكفّ مقطوعةً                        ولا خير في الساعد الأجذمِ

 **********

 إختيار الأصدقاء

إنّ أخاك الصدقَ من يسعى معكْ                   ومن يضرُّ نفسه لينفعكْ

ومن إذا ريب الزمان صَدَّعك                      شتَّت فيك شمله ليجمعك

 السبت 29 من ذي الحجة 1402 (16 اكتوبر 1982)

Print Friendly, PDF & Email
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img