img
يومياتي في أمريكا: بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم (39)
img
Print pagePDF pageEmail page

يومياتي في أمريكا:

بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم

(39)

وحكام أمريكا على درب واحد

الجمعة  3 سبتمبر  1982

في الولايات المتحدة يبرز الوجود اليهودي الصهيوني قوة فاعلة لها تأثيرها القوي في توجيه السياسة الأمريكية . وإن المغترب من أمثالنا ليتضاعف شعوره بالغربة وهو يرى هذه الهيمنة الصهيونية الضارية .

   ولا عجب في ذلك فالناس ـ كما يقولون ـ على دين ملوكهم . وفي السطور الآتية أعرض مظاهر ما ذكرت آنفا من خلال رئيسين ، هما : ريجان ، وترومان :

ورونالد ريجان 

تولى حكم الولايات المتحدة في 20 يناير 1981 إلى  20 يناير 1989

و في سعيه لكسب الأصوات اليهودية حرص ريجان على زيادة الروابط مع المؤسسات اليهودية الصهيونية في الولايات المتحدة قبل موعد الانتخابات الرئاسية ، وقام  بتعيين اليهودي مارشال بيرغر مسؤولا عن التنسيق بين لجنة الحملة الانتخابية والمجموعات اليهودية في الولايات المتحدة، وعين اليهودي ألبرت شبيغل رئيسا لحملته الانتخابية ، وأخذ شبيغل يعرض لليهود سجل ريجان المؤيد لإسرائيل ، ومنها حضور ريجان تجمعات مؤيدة لإسرائيل خلال حرب الأيام الستة في عام 1967م ، عندما كان حاكما لكاليفورنيا .

وخلال حملته الانتخابية زار  المنظمة اليهودية بناي برث في واشنطن في 3أيلول 1980م ، وألقى خطابا قال فيه : إن إسرائيل ليست أمة فقط بل هي رمز ؛ ففي دفاعنا عن حق ( إسرائيل ) في الوجود إنما ندافع عن ذات القيم التي بنيت على أساسها أمتنا .

وبعد سقوط الشاه وقبل انتخابات الرئاسة الأمريكية أدلى ريجان بتصريح إلى الواشنطن بوست في 15/8/1979م ، جاء فيه : ( إن أي منظمة إقليمية مؤيدة للغرب لن تكون لها أية قيمة عسكرية حقيقية دون أن تشترك إسرائيل فيها بشكل أو بآخر ) .

وكان أهم موضوع في الحملة الانتخابية للمرشح ريجان هو مزاعمه بعجز إدارة كارتر في تقدير أهمية ( إسرائيل ) كرصيد استراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، ففي مقالة له في الواشنطن بوست ذكر بأن وضع الولايات المتحدة سيكون أضعف في المنطقة بدون الأرصدة السياسية والعسكرية التي توفرها إسرائيل كقوة مستقرة وكرادع للهيمنة الراديكالية .

وفي عام 1983م ، قام الرئيس ريجان بمشاركة الأقلية اليهودية في عيدهم الهونوكاه ، وألقى خطابا يعتبر من أقوى البيانات تأييدا لإسرائيل ، قال فيه ( إن الروابط بين الشعب الأمريكي والإسرائيلي تنمو الآن بقوة ويجب أن لا تتقوض أبدا ، وإذا ما أجبرت إسرائيل على مغادرة الأمم المتحدة فان أمريكا ستغادرها مع إسرائيل أيضا ) .

**********

هذا جانب واحد من جوانب هذا الرئيس الذي يعمل على نصرة إسرائيل على حساب العرب بعامة ، وفلسطين والفلسطينين بخاصة . وليس هذا غريبا على الرؤساء الأمريكان . فنحن لا ننسى أن الرئيس الأمريكي ترومان اعترف بإسرائيل بعد إعلانها بأربع دقائق ، فلما قيل له إن هذا يغضب العرب ، كان جوابه  : خبروني كم للعرب من أصوات في الكونجرس الأمريكي ؟      

وفي مساء الأربعاء الأول من سبتمبر ظهر الرئيس الأمريكي ريجان فجأة على شاشة التلفاز وتحدث عن مشروع لإحلال السلام في الشرق الأوسط ، وقد نشرت الصحف تفاصيله بخطوط رئيسية ، وخلاصته : رفض أن تكون للفلسطينين دولة . ورفض أن تضم إسرائيل الضفة الغربية وغزة ، ولكن يسمح للفلسطينين بالإقامة فيهما مع إقامة حكم ذاتي ، والارتباط بالأردن في شكل اتحاد كنفدرالي ، وتضمن أمريكا أمن إسرائيل  ،  كأن أمريكا لم تضمن أمن إسرائيل في الماضي والحاضر!! . وكأن أسلحة الدمار في لبنان غيرأمريكية !!!، فالمعروف أن إسرائيل تعتمد على أمريكا في كل شيء .

يا أمريكا إن الذين يحتاجون إلى أن يضمن أمنهم هم العرب لا إسرائيل ؛ فإسرائيل تستطيع أن تضرب أية دولة عربية تريد ، وليس هناك الدولة العربية التى تستطيع    ــ لا أقول أن تضرب إسرائيل ــ بل أن تحمي نفسها من إسرائيل .  

ولا أسرف إذا قلت إن حكام العرب يحملون المسئولية الكبري عن هذه الكارثة ، لأنهم مشغولون بأنفسهم ، ومشغولون بضرب شعوبهم .

فهل وصلت قضية فلسطين إلى طريقها المسدود بالنسبة للعرب ؟ وإلى طريقها المفتوح بالنسبة لليهود ؟ هل هذه بداية النهاية ؟ … شعب مشرد … مطرود … يذبح منه العشرات … بل المئات وحكام العرب يتفرجون . وياليتهم يكتفون بهذا فحسب ، بل إنهم يشتركون اشتراكا فعليا من وجهين :

الوجه الأول : الخيانة الحقيقة بترك الأرض والمواقع لليهود كما فعل حافظ الأسد والبعثيون بالنسبة للجولان ، وكما فعل الملك عبد الله من قبل بالنسبة للد والرملة .

والوجه الثاني : ضرب شعوبهم ، والتسلط  البطاش على كل حر يقول كلمة الحق في مواجهة هؤلاء الحكام الظالمين الغاشمين كما فعل الأسد بأهل حماة .

ورحم الله حسن البنا … لقد قال لهم  ” إتركوا لي فلسطين أحررها بشباب المسلمين “، فدبر الغادرون مؤامرة اغتياله . ومما يروى عن الملك عبد الله        

ــ حينما سمع بمقولة الإمام حسن البنا ــ  :حسن البنا يريد أن يحكم فلسطين ؟!! .

أنا أسلمها لليهود بيدي ولا يحكمها حسن البنا .

ومن أعجب العجب أن هناك من العرب من لا يزال يثق في أمريكا ثقة إن لم تكن عمياء ، فهي عوراء .

أسجل هذا في يوميتي لشعوري وشعور الشباب المسلم في الولايات المتحدة بالمرارة الشديدة والحزن القاسي ، فالألم في الغربة يتضاعف ويزيد .

الجمعة  3   سبتمبر  1982 

 قطرات نفس

من جرائم إسرائيل 

لقد أصبح معلومًا لدى الجميع على المستويات المحلية والعالمية، أن إسرائيل قد قضت على 250 جنديًا مصريًا، كانوا عزلاً بلا سلاح، بعد حرب يونيو 1967م. وقد سجل ذلك في فيلمٍ وثائقي لا يستطيع أحدٌ أن ينكره.

وطبعًا كان الموقف الرسمي لحكومتنا المبجلة، هو الشجب والاحتجاج والمطالبة بتحقيق عاجل، مما يدعو إلى الضحك والسخرية، وكأن دماء المصريين من ماء، وكأن عظامهم من حجر مهمل.

و هذه الظاهرة ـ أي قتل  الأسرى المصريين بدم بارد ـ يحتاج إلى تعليل. وقد تعددت التعليلات في ذلك وكان أدقها هو ما كتبه السفير الدكتور عبد الله الأشعل، من أن اليهود يفعلون ذلك على الرغم من الحماية القانونية الخاصة للأسرى في اتفاقية جنيف الثالثة عام 1949م؛ لأنهم يملكون غريزة الإبادة، للشخصيات العربية وقد أصبح ذلك جزءًا من تركيب النفسية الصهيونية التي تحسب أن قتل أكبر عدد هو إرهاب للعرب من ناحية، وهو محاولة للتقليل من عددهم وإفناء هذا العرق الذي يصرح بعض وزراء الكيان الصهيوني بأنهم أحط المخلوقات، فدوافع القتل غريزية، ولذلك فإن قيام الكيان الإسرائيلي وتوسعه لا بد أن يكون بالضرورة على حساب الوجود العربي الإنساني والسياسي.

ويبدو أن قتل الأبرياء عقدة صهيونية، وربما تكون نصًا توراتيًا في إحدى طبعته المتأخرة.

واستعراضنا للتاريخ القريب، يؤيد هذه النظرة، فلم تكن هذه هي المذبحة الوحيدة التي قام بها الكيان الإسرائيلي مخالفًا بذلك اتفاقية جنيف، بل الحد الأدنى للخلق الإنساني.

ونقدم في السطور التالية، صورًا موجزة لبعض هذه المجازر التي ارتكبها الصهاينة في أرض فلسطين:

1 ـ مذبحة قرية “الشيخ” التي ارتكبتها عصابة “الهاجاناة” مساء يوم 31 ديسمبر عام 1947م، راح ضيحتها ستون شهيدًا من أهل البلدة، وجدت جثث أغلبهم داخل منازلهم. ودخلت القرية في أملاك إسرائيل باسم عبري جديد هو “تل غنان”.

2 ـ مذبحة قرية “سعسع” التي ارتكبها الصهاينة، فقاموا بنسف عشرين منزلا فوق رؤوس ساكنيها.

3 ـ مذبحة قرية “أبو كبير” ارتكبتها عصابة “الهاجاناه” يوم 31 من مارس عام 1948م، وفيها قتل كل من حاول الفرار من أهل القرية.

4 ـ مذبحة “دير ياسين” التي ارتكبتها عصابتا “أرجون” و “الهاجاناه” في 9/4/1948م وهي تقع على أطراف مدينة القدس، وأسفرت عن ذبح 250 عربيًا، وجرح عدد مماثل معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، والذين لم يقتلوا من أهل القرية اقتيدوا في سيارات نقل إلى الأحياء اليهودية من القدس، حيث استعرضوا أمام الجمهورالصهيوني الذي أخذ يرميهم بالحجارة. وتولى كبر هذه المذبحة “مناحم بيجين” الذي أصبح رئيسًا للوزراء في إسرائيل ابتداء من يونيو 1977م.

وكان الهدف الرئيسي من هذه المذبحة إرهاب الفلسطينيين، وترويعهم حتى يتركوا بيوتهم وأرضهم، وقد تحقق الهدف الذي حرص الصهاينة على تحقيقه.

5 ـ مذبحة قرية “أبو شوشة” في 14 / 5 / 1948م، وقام بها جنود لواء من الجيش النظامي، واستشهد فيها خمسون مدنيًا، بإطلاق الرصاص، وضرب الرءوس بالبلط.

6 ـ مذبحة “اللد” في 11 / 7 / 1948م ارتكبتها وحدة “كوماندوز” إسرائيلية بقيادة موشى ديان، وحينما حاول بعض المدنيين الاحتماء في المسجد، لاحقهم اليهود، وقتلوا منهم 176 مواطنًا، وكانت الحصيلة النهائية 426 شهيدًا.

ثم جمع الصهاينة من بقي حيًّا من أهل “اللد” في ملعب المدينة، وأمروهم بمغادرة البلدة فورًا سيرًا على الأقدام، مما أدى إلى وفاة كثير منهم جوعًا، وعطشًا، ورعبًا، وإرهاقًا.

7 ـ مذبحة قرية”علبيون” في 29 / 10 / 1948م التي اقتحمها الجيش الإسرائيلي، وجمعوا المدنيين في ساحة البلدة، وأخذوا يطلقون النار عليهم من كل الجهات.

8 ـ مذبحة “قلقيلية” في 10 / 10/ 1948م، فتحت حمايةالقوات النظامية هاجمت أعداد كبيرة من المستوطنين الإسرائيليين هذه القرية، ثم استخدمت الطائرات والمدفعية لقصفها، وسقط في المذبحة سبعون شهيدًا.

9 ـ مذبحة قرية “شرفات” في 7 / 2 / 1951م، التي هاجمها فصيل من الجيش الإسرائيلي، وبث في القرية عددًا كبيرًا من الألغام أدت إلى قتل كثير من أهل القرية، وخصوصًا النساء والأطفال.

10 ـ مذبحة قرية “نلة” التي هوجمت في 9 / 2/ 1951م، وتسلل أحد اليهود، فقتل في بيت واحد رجلاً وطفلاً وطفلة، وعاد إليها اليهود من جديد في هجوم ثان، فقتل وجرح عدد كبير من سكانها.

11 ـ مذبحة قرية “قبية” التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي على مدى 16 ساعة ابتداء من ليلة 14 / 10 / 1953م وفي هذه المذبحة سقط من المدنيين 67 شهيدًا، ودمر مسجد القرية، وخزان المياه، وستة وخمسون منزلاً.

12 ـ مذبحة “كفر قاسم” وهي من أغرب المذابح التي ارتكبها اليهود. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد فرضت حظر التجول على الأهالي ابتداءً من السادسة مساءً. وفي 28 / 10 / 1956م أصدر اليهود أمرًا لعمدة البلدة أن يكون حظر التجول ابتداءً من اليوم في الخامسة مساء ـ لا السادسة ـ (وصدر هذا الأمر في الخامسة إلا الربع) وقد تعود الفلاحون العودة من حقولهم إلى بيوتهم في السادسة إلا الربع، وليس هناك متسع من الوقت لكي ينقل إليهم العمدة الأمر الجديد، وعاد الفلاحون إلى بيوتهم كالعادة بعد الخامسة، وقبل السادسة، فاعتبروا مخالفين لأمر عسكري (لم يبلغ إليهم) وعلى أبواب القرية، وقفت قوة من ضابطين، وعشر جنود إسرائيليين، وفتحوا مدافعهم الرشاشة على الفلاحين الأبرياء، فاستشهد منهم سبعة وخمسون، وجرح سبعة وعشرون، وكان من الشهداء طفل وسبع عشرة امرأة.

13 ـ مذابح المخيمات التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي ضد اللاجئين الفلسطينيين في المخيم الرئيسي بمدينة خان يونس يوم 3 / 11 / 1956م واستشهد فيها 250 فلسطينيًا.

وتكررت المذبحة يوم 12 / 11 / 1956م واستشهد فيها 275 فلسطينيًا.

وفي اليوم نفسه زحف الإسرائيليون ـ بعد المذبحة السابقة مباشرة ـ إلى مخيم رفح للاجئين ـ وقتلوا أكثر من مائة لاجئ.

14 ـ مذبحة “صابرا وشاتيلا” يومي 18، 19 من سبتمبر 1982م، وراح ضحيتها أكثر من 3500 من الفلسطينيين المدنيين أغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ، وقد خطط للمذبحة، وأشرف عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق “إرييل شارون”.

وما زالت إسرائيل تعتمد في سياستها على القتل وسفك الدماء ، والنهب والسلب، والتخريب والتدمير ، ووراءها الأم الرءوم أمريكا الشر والضلال .

Print Friendly, PDF & Email
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img