img
يومياتي في أمريكا: بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم (34)
img
Print pagePDF pageEmail page

يومياتي في أمريكا:

بلاد الكلاب .. والخضرة .. والآيس كريم

(34)

مع النكبة الضارية في الغربة الأمريكية

الأربعاء 28 من يوليو 1982

وفي الصفحات الآتية نحاول أن نعيش مع نكبة لبنان ، والمقاومة الفلسطينية :

من يومين أو ثلاثة أعلن جعفر نميري أن السودان على استعداد لاستقبال مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية ليعيشوا في السودان ، وهم قرابة ستة آلاف مقاتل .

واليوم علمت أن حسني مبارك عرض أن ينزل نصفهم ليعيشوا بمصر . وقد رفض المقاتلون العرض الأول ، ولست أدري ما رأيهم في العرض الثاني .

 إن اسرائيل مصرة كل الإصرار على خروج هؤلاء من لبنان ، إلى الأبد … وإلا ..” فهو الذبح ” .

 والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : ثم ماذا بعد خروج هؤلاء ؟ … لقد كانت هذه المجموعة هي الورقة الأخيرة التي يلوح بها الفلسطينيون في وجه إسرائيل ، ولو انسحب هؤلاء من لبنان لترتب على ذلك نتائج مؤسفة واضحة ، لعل أهمها :

1- ضمان الأمن الإسرائيلي ؛ فلم يعد هناك من يهدد سلامتها أو ينغص عليها عيشتها ، وليس هناك دولة عربية واحدة عندها استعداد للقتال ، أو حتى مناقشة فكرة التصدي لإسرائيل .

2- إضعاف الكيان الفلسطيني بعامة ، وكيان منظمة التحرير الفلسطينية بخاصة . بل لا أغلو وأبالغ إذا قلت : ضياع المركز القتالي والسياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية .

3- تثبيت السياسة الإسرائيلية والنفوذ الإسرائيلي في المناطق المحتلة ، فمن حق إسرائيل بعد ذلك أن تعلن ، بل تفرض ما تشاء من قرارات ، ولن تجد من يقول لها لا ، بعد أن انسحبت مصر بزعامة السادات من الميدان . و اللهم لا حول ولا قوة إلا بك .

4- ظهور حركات عنف في الوطن العربي في مواجهة حكام العرب : قد يكون ذلك في شكل ثورات ، وقد يكون في شكل اغتيالات ، وهكذا بفضل سياسة ” الكلب الأسود ” ضمنت إسرائيل أمنها وسلامها على حساب الأمة العربية .

وتم لإسرائيل ما أرادت وخرج عرفات ، وخرج رجال المقاومة الفلسطينية .

وأرى أنه من اللازم في هذا السياق أن أعود إلى صفحات يومياتي السابقة ، وفيها سجلت تطور هذه النكبة من بدايتها .

من يونية 1982 كتبت : 19السبت ففي يومية

وقف بيجن في هيئة الامم المتحدة متحدثا عن إسرائيل ، وموقفها من مشكلة لبنان … وقف يعلل ويبرر الغزو الإسرائيلي للبنان ــ وهو في الواقع ــ اكتساح وحشي ــ … ِفانسحب من الجلسة مندوبو قرابة خمس وتسعين دولة وهي دول عدم الانحياز ، وأغلبها طبعا أفريقية وأسيوية .

ومن المؤسف … المخجل … المخزي … ألا يبقى في الجلسة للاستماع ” للصديق ” بيجن : إلا مندوب مصر … نعم مندوب مصر … كنانة الله في أرضه … يا للعار يا كنانة الله !!! لا كان هذا اليوم الذي نرى فيه الخسيس حفيد القردة والخنازير يقف على أعلى منصة في الأمم المتحدة ، ويبرر عدوان قومه الخسيس على شعب أعزل … يقتلون ، ويخربون ، ويدمرون ، ولا يجدون من يصغي ويسمع ” لأكبر كلابهم ” إلا مندوب مصر .

يا للعار يا مصر !!! يا زعيمة العروبة !!! يا قلعة الإسلام !!! يامنارة العلم !!! يا بلد الأزهر !!! . أنسيت أنك كنت مهدا لقطز ، وصلاح الدين ؟ هنت يا مصر على من تحبين ومن تكرهين … هنت يا مصر على من يحبونك ، ومن ينقمون عليك . هل أصبح جهادك ذكريات ؟ ولم يعد لنا ما نشيد به إلا ما فات ؟ هل ماتت فيك نخوة الرجال ؟ وحق عليهم قول الإمام علي : يا أشباه الرجال ولا رجال ؟ !

لبنان يمحق من الوجود . ومندوب مصر في الأمم المتحدة يفتح صدره وأذنيه للكلب العقور المعتدي لك الله يا مصر … لك الله يا كنانة الله في أرضه .

وأجد من أجل إلقاء بعض الضوء على الجريمة الإسرائيلية أن أعود إلى بعض يومياتى الماضية :

 كتبت في يومية يوم الأربعاء 9 من يونيو :

 قرأت العناويين الرئيسة اليوم في الصحف الأمريكية . وهى :

ــ إسرائيل تسقط لسوريا 6 طائرات ميج .

ــ القوات الإسرائيلية على بعد 12 ميلا من بيروت .

ــ المدفعية الإسرائيلية تصيب أهدافا على بعد ميليين من بيروت .

وتذكرت قول الشاعر :

يا لك من قبرة بمعمر          خلا لك الجو فبيضي واصفري

ونقري ما شئت أن تنقري

ولكن بيض اسرئيل قنابل حارقة ، وصفير إسرائيل هزيم مدافع ، وتنقير إسرائيل ضربات صاعقة ماحقة .

عربدي يا إسرائيل !! … عربدي بحرا وأرضا وجوا … فقد خلا ميدان الأمة العربية من الرجال .

**********

وكتبت في يوميتي يوم الثلاثاء 15 من يونيو 1982

القوات الإسرائيلية تعربد في لبنان كيفما تشاء ، وزحفها يسير في خطه المرسوم ، وليس في العرب ولا في المسلمين من يستطيع أن يوقف هذا الزحف ، لأنهم الآن كما قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ ” … بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من قلوب أعدائكم المهابة منكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن ” . ولما سئل عن الوهن قال ” حب الدنيا وكراهية الموت ” . فهل في حكام المسلمين بعامة وحكام العرب بخاصة من لا يحب الدنيا ، ويكره الموت ؟ .

 وقد نقلت وكالات الأنباء أن ياسر عرفات ومجموعة من القادة الفلسطينين محاصرون الأن في بيروت ، وليس أمامهم إلا أحد سبيليين : الاستسلام ، أو الموت .

 والصحافة الأمريكية ووسائل الأعلام كلها ــ وخاصة التلفاز الأمريكي ــ تزغرد وتهلل للزحف الإسرائيلي . ومن العناويين الرئيسية في احدى الصحف الامريكية اليوم :

Israel Tightens Grip On Lebanon Capital أى إسرائيل تحكم قبضتها على العاصمة اللبنانية .

فاللهم لا حول ولا قوة إلا بك .

**********

وفي يومية 16 من يونيو سنة 1982 .

في مكتبة كلية اللاهوت Divinity School ، وعلى مدى ساعة ونصف طالعت ما يهمني من صحف اليوم ، وبعض صحف الأيام السابقة ، وكان أهم ما يشغل الصحف الأمريكية طيلة هذا الأسبوع أنباء الزحف الإسرائيلي على لبنان والانتصارات التى حققها الإسرائيليون الزاحفون . وفي صحيفة :

The new York Times ( الأربعاء 16 يونية 1982 ) كانت أهم العناويين على مختلف الصفحات :

1- Israel demands Syrians quit Beirut . They refuse , citing mandate by Arabs .

2-U.S hints : president may not meet Begin If Beirut captured .

3-Invading forces tighten siege by fanning out on Damascus road .

4- Begin of to U.S. with plan for new peaceful Lebanon.

5- Beirut at wits end : frazzled nerves , garbage and $100 an hour for a cab .

6- Israel bids Syrian Units leave the Beirut region .

7- Syria rejects Israeli demand for withdrawal from Beirut .

8- Yasir Arafat Palestine Liberation Organization leader yesterday in an area of fighting south of Beirut Lebanon .

 9- Britons are taking delight in their victory in the Falklands .

10- Surrenders in the Falklands .

11- British Victory : coordination and Professionalism .

12- A place for the Palestinians .

13- the Jews , having once agreed to take less than half a loaf , gained their stat – and have been forced or inspired by Arab enmity to keep enlarging its size and security demands .

14- نشرت الصحيفة صورة أم وابنتيها تبكيان في مرارة ، وعلقت الصورة تحتها بالأتي :

The mother and sisters of Kalriel Schwarz , an Israeli soldier at his funeral yesterday in Tel Aviv . Mr. Shwariz was killed in action shortly after the start of the Israeli attack on Southern Lebanon .

15- وتحت صورة أسرة عربية تشحن حاجياتها في سيارة نقل كبيرة. كتبت الصحيفة :

 Refugees from the fighting in Lebanon loading their belongings onto a truck as they prepared to leave their homes .

16-  وتحت صورة بعض رجال المقاومة ، ومعهم مدفع مضاد للطائرات علقت الصحيفة بالآتي :

Palestinian fighters set up an antiaircraft gun .

الاربعاء 28 من يوليو سنة 1982 .

قطرات نفس

يا حكام العرب كونوا كالمعتصم.. ولا تكونوا كالمستعصم

لم يبالغ ابن خلدون – في مقام تعريف «التاريخ», والغاية التي يحققها إذ قال: «هو فنّ عزيز المذهب, جم الفوائد, شريف الغاية: إذ هو يُوقفنا علي أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهموالأنبياء في سيرهم, والملوك في دولهم, وسياستهم حتي تتم فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا

ويتفق «راوس» مع ابن خلدون في الفائدة المنشودة من دراسة التاريخ لأن معرفة ما كانت عليه المجتمعات في الماضي, وكيفية تطورها تبصر الإنسان بالعوامل التي تؤثر فيها, وبالقيادات والقوي التي تحركها وبالدوافع والمصادمات التي تشكلها عامة كانت أو خاصة.

ويري «راوس» في كتابه القيم (التاريخ: فائدته وأهميته) – زيادة علي ما ذكر – أن التاريخ لا يتناول حياة العظماء من الأفذاذ فحسب, بل إنه يتكون من رواسب حياة ملايين من الرجال والنساء الذين تقل أهميتهم, والذين لم يخلفوا اسمًا, بل قدموا فقط حصتهم من المشاركة, إن حياة هؤلاء لتجعل مادة التاريخ أشبه بالشّعَب المرجانية التي تتكون من حياة ملايين منالمخلوقات البحرية الصغيرة القليلة الأهمية .

والقرآن الكريم يعرض شرائح من تاريخ الأمم والأنبياء والملوك, ورجالاً ونساء لا يرقون إلي مثل هذه المرتبةوكثيرًا من الوقائع والأحداث, منها ما جاء مفصلاً, ومنها ما جاء علي سبيل الإيجاز.

وكل أولئك يهدف إلي أن يعتبر الإنسان, ويتعظ, ويهتدي, ويقتدي بالنماذج الصالحة الطيبة, ويتجنب دروب النماذج الكافرة الآثمة كفرعون وقارون وأصحاب الجنة وصاحب الجنتين, وأم جميل حمالة الحطب وغيرهم. فلا عجب أن تؤكد هذا الهدف آيات ترد في سياق الوقائع والأحداث, أو بعدها مثل قوله تعالي: {إنَّ فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ً} [ق: 37]. وقوله تعالي {لّقّدً كّانّ فى قصصهم ي عبًرّةً لأوًلى الأّلًبّاب} [يوسف: 111وقوله تعالي {.... فّاعًتبروا يّا أوًلى الأّبًصّار} [الحشر: 2]. ومن ثم كان علي المسلم أن يقرأ التاريخ قراءة استيعاب واستبطان وتدبر, لتحصيل المعارف, وزيادة العلم من ناحية, والانتفاع في مسيرة الحياة والتعامل والأخلاق والسلوك, من ناحية أخري.

 وإليكم صورة المعتصم..

وانطلاقًا من هذه المقدمة, ونحن نري عراق المسلمين يحترق, وبغداد الرشيد وغيرها من المدن والقرى العراقية تضرب بالقنابل والصواريخ من الجو والبر وتختلط فيها الأنقاض بأجساد الأطفال والشيوخ والنساء… نقدم لحكامنا – من هذه الأرض – نموذجين متناقضين لحاكمين:

الأول هو المعتصم بن هارون الرشيد ( 178 – 227– هـ(.

والثاني هو المستعصم بن المستنصر بالله (609هـ – 656هـ(.

الأول حقق انتصارًا من أعظم انتصارات المسلمين علي الروم, والثاني حقق أبأس هزيمة نزلت بالمسلمين وهي سقوط العراق وبغداد والدولة العباسية علي يد التتار سنة 656هـ..

وقال الذهبي عن المعتصم: كان من أعظم الخلفاء وأهيبهم. وكان ذا همة عالية, وشجاعة فائقة, وحكمة وبعد نظر, كما كان يتمتع بقوة جسدية خارقة. قال وزيره ابن أبي دؤاد: كان يظهر ساعده, ويجري عليه الأسنّة فلا تؤثر فيه. وقال نفطويه: ومن قوته أنه كان يجعل زنـْد الرجل بين إصبعيه فيكسرهويصيد الأسد بيديه.

وكان يحب العمارة – أي تعمير الخلاء بالبناء – واستصلاح الأرض وزرعها. وينقل المؤرخون قوله «إن في العمارة أمورًا محمودة: فأولها عمران الأرض التي يحيا بها العالم, وعليها يزكو الخراج, وتكثر الأموال, وتعيش البهائموترخص الأسعار, ويكثر الكسب, ويتسع المعاش». وكان يعطي وزراءه الحق المطلق في «لا مركزية العمل والتنفيذ» إذا تبينوا وجه المصلحة والفائدة. ومن توجيهاته لوزيره محمد بن عبد الملك, «إذا وجدت موضعًا متي أنفقت فيه عشرة دراهم جاءني بعد سنة أحد عشر درهما فلا تؤامرني فيه», أي نفّذ ما تري, ولا تستشرني.

وينقل لنا التاريخ أن “توفيل”” ملك الروم زحف في مائة ألف, وحرق حصون المسلمين في الشمال وقتل الكثيرين من المسلمين, ومثل بأسراهم وقتلاهم وسمل عيونهم وصلم آذانهم, وجدع أنوفهم, وسبى ألف امرأة مسلمة. ويقال إن هاشمية أسيرة صرخت «وامعتصماه», فلما بلغ المعتصم ذلك هتف “لبيك لبيك يا أمة الله”. وانطلق بجيش قوي إلي مسقط رأس «توفيل»: «عمورية». وهي أمنع وأحصن المدن وأقواها. وأنزل بالروم هزيمة نكراء, وشتت جموعهم, وخرب ديارهموفتح عمورية, وكانت أشرف عند الروم من القسطنطينية, وقتل من الروم ثلاثين ألفًاوأسر مثلهم. وفي هذا الانتصار العظيم نظم أبو تمام بائيته المشهورة التي مطلعها:

السيف أصدق أنباء من الكتب         في حده الحدّ بين الجدًّ واللعبً

ولا تكونوا كالمستعصم

أما المستعصم (609 – 656هـ) فقد تولى الخلافة بعد أبيه المستنصر العباسي في جمادي الآخرة سنة 640, وكان – كما وصفه ابن طباطبا – مستضعف الرأي, ضعيف البطش, قليل الخبرة بأمور المملكة, مطموعا فيه, غير مهيب في النفوسولا مطّلع علي حقائق الأمور, وكان يقضي زمانه بسماع الأغاني والتفرج علي المساخرة… وكان أصحابه مستولين عليه, وكلهم جهال من أرذال العوام….

هذه كانت صورته: خليفة ساقط الهمة, عديم الحزم, ضائع الهيبة, همه في حياته المتع والملاذ وجمع المال, دون شعور بالمسئولية والخطر الزاحف إليه من قِبَل التتار. لذلك سيطر عليه وملك قياده وزير خائن اسمه «مؤيد الدين العلقمي الرافضي», قال عنه بعض معاصريه: .. أهلك الحرث والنسل, ولعب بالخليفة كيف أراد, وباطن التتار (أي راسلهم سرًا), وناصحهم, وأطمعهم في المجيء إلي العراق, وأخذ بغداد». وتوالت رسل العلقمي الخائن إلي التتار, يطمعهم في البلاد, ويسهّل عليهم ذلك, وطلب منهم – في المقابل – أن يكون نائبهم في حكم العراق, فوعدوه بذلك, وتأهبوا لقصد بغداد. كل ذلك والمستعصم تائه في لذاته, غارق في متعه لا يطلع على الأمور, ولا يدري, ولا يهتم بما يدور ويحاك حوله.

وفي المحرم سنة 656, وصل التتار إلي بغداد, وهم مائتا (200) ألف يقودهم هولاكو, وهزم جيش الخليفة هزيمة نكراء. وأقنع العلقمي الخائن المستعصم بأن يسعى العلقمي للظفر بالصلح, وخرج إلي هولاكو, واتفق معه علي القضاء علي الخليفة والخلافة, وعاد العلقمي إلي المستعصم لينفذ المخطط الحقير, فنقل إليه أن هولاكو قد رغب في أن يزوج ابنته بأبي بكر بن المستعصم, ويبقي في منصب الخلافة, وبعد تمام الزواج ينصرف هولاكو بجيوشه عن بغداد والعراق.

وأشار علي الخليفة بالخروج إلي هولاكو, فخرج إليه ومعه هدايا كثيرة من الدر والجواهر وغيرها, ومعه جماعة من الأعيان, فأنزلوه في خيمة. وأخذ العلقمي يدعو جماعات الفقهاء لشهود عقد الزواجوقتلهم التتار جميعًا, ولم ينج منهم عالم أو أمير أو حاجب أو كبير عظيم. وسحقت بغداد علي مدي أربعين يومًا, وبلغ عدد القتلي ألف ألف نسمة أي مليونًا من البشرأما المستعصم فقتله التتار رفسًا, أي دوسًا وركلاً بأقدام التتار. وبذلك أسدل الستار إلي الأبد علي الدولة العباسية بمصرع المستعصم. أما الوزير الخائن فلم يتم له ما أراد, وذاق من التتار الذل والهوان, ولم تطل أيامه بعد ذلك فأدركه الموت ذليلاً حقيرًا بعد أن خسر الدنيا والآخرة.

 إنها صورة لحاكمين أنجبتهما بغداد, يفصل بينهما أكثر من أربعة قرون, عاشا علي طرفي نقيض, حقق الأول انتصارات من أعظم ما تحقق في تاريخ المسلمين, وحقق الثاني هزيمة ساحقة قضت علي الدولة وقتلت وشردت الملايين.

Print Friendly, PDF & Email
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img