img
نظرية علمية جديدة : الإنسان أصله صرصار
img
Print pagePDF pageEmail page

نظرية علمية جديدة : الإنسان أصله صرصار

 

 

 

  «الإنسان أصله قرد, ثم ارتقي تدريجيًا -علي مدار ملايين السنين- حتي أخذ صورته البشرية», هذا ما يقوله «دارون», ويمثل نخاع نظريته في «النشوء والارتقاء», وإن كان هناك من ينسب هذه المقولة لتلميذه «لامارك», وإن لم ينكروا أن دارون ذهب إلي أن الإنسان «في الأصل» كانت صورته تشبه القرد إلي حد بعيد . وعلي أية حال نري أن الخلاف لفظي, ولا تترتب عليه أية نتيجة عملية  .

     ونحن المسلمين نرفض هذه النظرية جملة وتفصيلاً, لتعارضها مع عقيدتنا في الخلْـق بصفة عامة, وخلق الإنسان بصفة خاصة . غير أني أقول إني شُغلت بالقراءة في هذه النظرية, والقراءة عنها في مطلع الخمسينيات , وأنا طالب بالسنة الخامسة من المرحلة الثانوية (شعبة أدبي – فلسفة),  وأذكر من الكتب التي قرأتها آنذاك كتاب «ملقي السبيل في نظرية النشوء والارتقاء» لإسماعيل مظهر, و«رسالة في الرد علي الدهريين لجمال الدين الأفغاني», وكذلك ما كتبه محمد عبده  ,ومحمد فريد وجدي , وغيرهما.

     ومن عجب أن يخرج أحد العلماء الألمان بنظرية جديدة مناقضة, فيقول: إن الإنسان لم يكن قردًا وارتقي, ولكن القرد كان أشبه ما يكون بالإنسان, وانحدر علي مدي ملايين السنين.

 

نظرية جديدة 100%

وأعتذر للقارئ عن هذا الاستطراد, ولكني ذكرت ما ذكرت, لأخٍْـلُص منه إلي ما يدعو «للفخر الفاخر» و«الإعجاب الغامر», وهو أن مصريا من جلدتنا, يتكلم لغتنا, خرج علينا بنظرية جديدة تهدم كل ما سبق, بل تنسف النظرية أو النظريات السابقة, بل تنسف دارون نفسه, وكذلك لامارك, وزرجن بارجن, و«اللي خلفوهم» أيضًا.

     وخلاصة هذه النظرية هي : أن الإنسان ليس أصله قردًا, ولا أسدًًًا, ولا حتي وزّة. ولكن أصله «صرصارً», وصاحب هذه النظرية هو «الفلتة» الدكتور محمد مجدي مرجان . وقد دأب علي تكرار مضمون نظريته هذه في «أهرام» كل أربعاء. ولكن -إنصافًا لهذا المرجان الفلتة- نقول: إنه وضع عدة قيود وضوابط علي نظريته في «صرصارية الإنسان». وأهمها:

1- أنه يقصد بالإنسان.. الإنسان المصري فقط, ولا يدخل في نطاق النظرية الأجناس الأخري.

2 – وكذلك لا يقصد الإنسان المصري -بإطلاق- ولكن من يعارض الرئيس حسني مبارك, وقد وصفهم بأنهم قلة قليلة تافهة… حشرات… هوام… ضائعون… مضللون… أغبياء… جبناء… لصوص.. خونة… عملاء. مع أنهم في الواقع يمثلون أغلبية الشعب, وأغلبهم من المواطنين الأجلاء الذين يحرصون علي إنقاذ مصر ونهوضها من نكباتها, وما نزل بها في العهد المباركي.

3 – أن هذه «الصراصير» قادرة علي التشكل في صور حيوانات أو حشرات أخري.. سنعرفها بعد قليل.

 

من كلمات مرجان الفلتة

قلت آنفًا: إن مرجان «الفلتة» -في أغلب مقالاته الأهرامية- مغرم بتشبيه «المعارضين بالصراصير» , ومن آخر ما كتبه في «أهرام 6/7/2005»: «… ولكن هذا هو قدر مبارك الذي لم يكن غيره بقادر أن يتحمل هذا الثمن الباهظ, ويطبق هذا الإسفاف الصفيق, افتتح (مبارك) المزاد (!!!!), وتسابق المهرجون والبهلوانات, واندس العملاء واللصوص, وتحولت «الصراصير» إلي عقارب, والفئران أسودا… وللأسف بلاخلاق تعاقب الـمُحْسن, وتكافئ المسيء, وتقتات من كل الموائد… إنهم فئة من الفاشلين والحاقدين والعملاء…».

     ونسي «مرجان الفلتة» أن في هؤلاء أساتذة درّسوا له القانون… وفيهم من المثقفين «المتعففين» حائزون علي أرقي الشهادات العالمية . ولكني لا أملك إلا أن أقول: لعن اللّه النفاق, وأقول: إذا لم تستحي فاصنع, وقل ما شئت».

 

وإلي الامتحانات تسرب النفاق

وشعرت بخزي فادح وجزع أليم , وأنا أري «هيمنة النفاق» علي بعض امتحانات التربية والتعليم . وبين يديّ ورقة امتحان الفصل الدراسي الثاني (2004-2005) في مادة التربية الفنية للصف الأول الثانوي بمدرسة العريش الثانوية للبنين (محافظة شمال سيناء)  ,ونص الورقة: أولاً: التعبير الفني: تشهد الأيام القليلة القادمة منعطف (كذا) خطيرًا في مصر للرؤية المستقبلية للشعب المصري لتحديد الأهداف والأولويات لتحسين حياة الفرد. والرئيس حسني مبارك قائد له تاريخ مستمر (كذا), واستطاع أن ينقل مصر نقلات حضارية في الاقتصاد والسياسة والتعليم والثقافة والزراعة والاستقرار والأمان, وحرص علي عدم المساس بأصحاب الدخل المحدود, وسعي لتحسين أحوال المعيشة, ووضع خططا خمسية متتالية لازدهار التنمية, وحرص علي إقامة مدن جديدة, ومشروعات ضخمة مثل (توشكي, شرق العوينات, ترعة السلام) لرفع معيشة أبناء الوطن . ولا يحتاج الرئيس لدعاية انتخابية, والكل سيقول كلمته (نعم) يوم الانتخابات للرئيس مبارك.

المطلوب: عبّر بقلمك وألوانك عن إحدي (كذا) المشاهد التالية:

1 – مشهد من مشاهد التأييد الانتخابي للرئيس مبارك في الشوارع أو داخل اللجنة الانتخابية .

2 – مشهد من مشاهد الإصلاح والخدمات في مصر علي يد الرئيس مبارك .

ثانيًا: التصميم الابتكاري: داخل مستطيل مساحته 20سم ھ 15 سم:

* صمم شعار تأييد للرئيس مبارك في الانتخابات القادمة, مسخدمًا الرموز المناسبة.

* علي أن تكتب عبارة (نعم لمبارك) داخل التصميم.

* (استخدم الألوان التي تناسب الشعار) (انتهي).

    ولا أملك إلا أن أقول: لعن اللّه النفاق. وإذا لم تستحْي, فضع من الأسئلة ما شئت.

 

حتي أنت يا بيومي…

وفي مثل هذا الفلك يدور أزهري عتيد هو الشيخ عبد المعطي بيومي (عضو مجلس الشعب بالتعيين)… إنه يعترض علي المقولة النيّرة (اللّه أكبر وللّه الحمد). ويزعم أنها شعار حزبي ينم علي تعصب ديني, ومن ثم يجب أن تكون من الشعارات المحظورة أثناء قيام المرشحين بالدعاية في الانتخابات. والشيخ بيومي يعتقد أنه برأيه هذا سيرضي الدكتور فتحي سرور -رئيس مجلس الشعب- في حكومتنا العلمانية, ولكن «نقبه طلع علي شونة» ورفض الدكتور سرور ما قاله الشيخ بيومي. وقال بالنص: «لا يا أخي.. كلنا بنقول: اللّه أكبر وللّه الحمد», وهتف الإخوان جميعًا في مجلس الشعب ومعهم أعضاء آخرون.. أكثر من عشر مرات «اللّه أكبر وللّه الحمد»… وتوالت اللطمات علي الشيخ الذي «كُبت»… وخصوصًا عندما سقط سقطة علمية فاضحة حينما حاول التخفيف من شدة الكرّ عليه فزعم «أنه يعلم أن النبي قال : “كلمتان حبيبتان إلى الرحمن , ثقيلتان في الميزان , خفيفتان على اللسان , هما :  اللّه أكبر وللّه الحمد»  . ورده إلي الصواب أحد نواب الإخوان, – وهوليس شيخًا ولا أزهريًا – , فذكر أن الكلمتين – بنص الحديث الشريف هما : ” سبحان الله وبحمده , سبحان الله العظيم ” , وليستا : ” الله أكبر , ولله الحمد ” , كما ذكر الشيخ بيومي . آااه.. يا شيخ بيومي… هل المسلمون الذين يهتفون في العيدين «…اللّه أكبر.. اللّه أكبر.. وللّه الحمد» أهؤلاء حزبيون.. يا أيها الشيخ ” العالم ” جدا ?!!

      ولكن لك الفضل إذ جعلتني أترحم علي من قال: السٍّفلة هم من يأكلون بالطبل والمزمار, وسِفْلـةُ السفلة هم من يأكلون بدينهم». ونقول لمن يرفض أو يتحرج من هذا الهتاف أو هذا الشعار «اللّه أكبر وللّه الحمد»: «اللّه أكبر وللّه الحمد»… وأنٍفُك.. وبصرك.. ووجهك… وكلك في الرغام, ولعن اللّه النفاق.. وإذا لم تستحْي فقل… وازعم ما شئت.

 

إنها مسئولية الشعوب

والواقع التاريخي يقول: إن نفاق الرعية يفسد الحكام, ويحولهم بالتدريج إلي وحوش ضارية. وصدق خليل مطران شاعر القطرين إذ قال (عن الطاغية نيرون حارق روما):

من يلم نيرون إني لائم

أُمة لو قهرته ارتد قهرًا

كل قوم خالقو نيرونهم

قيصر قيل له أو قيل كسري

     إن الأمة في هذه الحالة تكون أمة بلا كيان, وذلك باستسلامها للطاغية.. ولهذا الاستسلام صور ثلاث هي:

1 – الاستسلام السلبي بالسكوت علي مخازي الطاغية دون مقاومة, أو حتي رفع صوت بالاعتراض.

2 – الاستسلام الإيجابي, بمنافقة الطاغية, وتزيين الشر له, وإظهار باطله علي أنه حق ناصع عادل مبين. وهنا تتشكل «بطانة السوء», وقد قلت في هؤلاء – من قصيدة متواضعة نظمتها – :

إن قال سيدهم «لا» فهْـي كِـلْمتهم

وإن يقل «نعمٌ» قالوا «نعمْ. نعمُ»

عميٌ عن النور في آذانهم صممٌ

لا ينطقون بحق.. إنهم بُكمُ

يرضون بالدون والدنيا إذا نعموا

أما إذا حُرموا أطماعَـهم نقموا

كأنهم في مسار العمر قد خلُقوا

بلا عقول, فهم في عيشهم غنم

فلتخْسئُوا يا خفافيش النفاق فقد

عشتم وكلكمو في مصرنا قَـزَم

3 – أما النوع الثالث فهو الاستسلام النفاقي الإيجابي «السيكوباتي» أو الإجرامي, بالعدوان والإيذاء قولاً وفعلاً, وتحريض الطاغية علي أن يعصف بمعارضيه قتلاً وسجنًا وتشريدًا بزعم خوف هؤلاء المنافقين علي حياته. وبالتدريج ينفصل الطاغية عن الشعب, ويغرس كراهيته في قلوب الناس. أما بطانة السوء فهي الفائزة الغانمة مكاسب الدنيا, ورغد العيش.

 

وهاكم نيرون مثلاً

والمثل التاريخي الذي يقطع بصدق هذا الحكم هو «نيرون» الذي شهد له أستاذه «سنكا» بأنه عاقل نجيب فيه ذكاء ورحمة. ولكن بدأت جوقة النفاق -حرصًا علي منفعتها- تعمل عملها. فصورت رذائله فضائل, ونقائصه كمالا , وصارت تُـضخم فيه إلي أن بلغ لهذا أقصي غايات الغرور. وأعطانا خليل مطران نموذجًا لهذا النفاق المخزي في هذه المحاورة التي دارت بين الامبراطور نيرون, وبين بطانة المنافقين:

قال بي حسن, فقالت: وبه

يا فقيد الشبه فقت الناس طُرا

فترقي, قال: إني مطرب

فأجابت: وتعيد الصحو سُكْرا

فتمادي, قال: في التصوير لي

غُـرَر, قالت: وتُـؤتي الرسم عمْرا

فتغالي, قال: في التمثيل لا

شِـبْه لي, قالت: وتحيي الميْـتَ نشْرا

فتباهي, قال: إني شاعر

فأجابت: إنما تنظم .. درا

      وانطلاقا من هذا النفاق الموهم المضخًّم بدأ جنون العظمة وشهوة البطش والطغيان تأخذ طريقها إلي نفس نيرون. وهي صورة لا يخلو منها تاريخ أمة من الأمم والنهاية هي الخراب والدمار.

Print Friendly, PDF & Email
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img