img
في وداع د. جابر قميحه الأديب الذي رحل همسا
img
Print pagePDF pageEmail page

في وداع د. جابر قميحه الأديب الذي رحل همسا

زغلول عبد الحليم

رحل عن دنيانا يوم الجمعة الموافق 24 من ذي الحجة 1433 هـ أي قبل استقبال العام الهجري الجديد الأديب الكبير أستاذنا الدكتور جابر قميحة عن عمر يناهز 78 سنة.. ذهب إلى ربه راضياً مرضياً بعد حياة أنفقها في سبيل نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة.. ولد رحمه الله بمدنية المنزلة بالدقهلية عام 1934 م .

الدكتور جابر قميحة رائد الأدب الإسلامي في العصر الحديث.. والأديب الموسوعي.. والناقد.. والشاعر وآخر ما ترجمه شعرا ً من الإنجليزية إلى العربية تعليقاته على لوحات رسمتها الفنانة الشاعرة “نيار إحسان راشد” .

أعيش كأني كتابُ فُتحــت مداه لمن شاء أن يقرأ

وليس به لمحة من غموض ولا مستحيل به خَـبئ

وأحدث ما كتب عن حقوق النبي صلوات الله عليه وسلامه .. كتب يقول أن:

أهم هذه الحقوق هي:

1.حق وجوب الإيمان به .

2.حق لزوم محبته .

3.حق حرمة النبي وتوقيره وتعظيمه .

4.حق وجوب طاعته والإقتداء به .

وكتب أيضا ًعن “التطرف النقدي” وأثره المدمر.. كتب يقول:

“ومن لوازم الموضوعية التي نؤمن بها عدم الانبهار بالأسماء المتوهجة أيا كانت درجتها من التوهج والشهرة والمعرفة.. وأن يكون تعامل الناقد مع إبداعات المشاهير كتعامله مع إبداعات المغامير.. أي أن يكون التعامل النقدي مع الإبداع لا المُبدع حتى لا يقع الناقد تحت سيرة ما يسميه بيكون أوهام المسرح فتتحكم شهرة الشخصية في قلمه وتوجهه إلى غير مساره الصحيح.

وأعني بذلك إغفال الطوابع والبصمات الشخصية على الإبداع.. فهذا مالا نقصد إليه.. ولكنى أقصد ألا يقع الناقد تحت تأثير ما ليس له علاقة بالإبداع من ملامح هذه الشخصية ” .. من مقالته الذاتية الموضوعية.

ويعتبر الدكتور جابر قميحه أن كتاب “الديوان” للعقاد والمازني من أبرز مظاهر التطرف النقدي في العصر الحديث.. وادخل معه “على السفود” .. وهو كتاب الرافعي في الرد على كتاب الديوان للعقاد والمازني.

ويرى الدكتور قميحه أن:

“طابع التطرف واحد من الكتابين.. والتطرف هنا سببه شخصي – لا فني ولا موضوعي – وهو الشعور بالنقمة والغضب والحرص على الانتصار والظفر بوسائل غير مشروعة.. والتطرف النقدي الذي قتل باكثير وعبد الحليم عبد الله والسحار !!”.. (من نفس المقالة السابقة)

الدكتور جابر قميحة الأديب والناقد والشاعر أستاذ الأدب العربي الذي رحل همساً عرف نفسه لي ذات مره بقوله جابر قميحه.. وأشار بإصبعيه في حركة تدل على صغره!! وما هو إلا (قميحه) وليس (قمحه) !!

“نُبل وخُلق قل أن يوجد في مثل هذه الأيام الجوباء” على حد قول الأستاذ الدكتور حلمي القاعود .

الداعية جابر قميحه الذي أتخذ من قاعدة كونوا دعاة صامتين منهجا ً ورؤية لا يحيد عنها.. رحمه الله عليه رحمة واسعة .

الدكتور جابر القلم الذي لم يعرف إلا العِفة والتلطف في القول.. ومثال نادر من الأخلاق الرفيعة التي يصنعها المنهج الرباني.. ونجدها تشكل (البرانية) و (الجوانية) بدقة متناهية.. فلا تضخم في الإحساس بالذات والشعور بالاستعلاء.

إنه التوازن أو الاعتدال الفطري أو الإيمان الراسخ بالحقيقة الكبرى “الوجود الترابي” مع (نفخة الروح) والذي يحاول الإنسان جاهدا ً أن يحقق توازنهما ليحقق التكليف الإلهي .

أن الدكتور جابر قميحة رجل صنعه المنهج ولا يصح لمثلى أن يتجرأ ويكتب عن هذه الشخصية الفريدة في تاريخ الأدب العربي.. وربما يأتي هذا الكلام على غير رغبة أستاذنا الدكتور جابر.. ولكن الرحيل الهامس للرجل أبكانا وأحزننا .. ولعل وزارة الثقافة المصرية تعيد إلى الرجل بعض حقه .

ولن نتحدث عن القيمة الأدبية الكبيرة للدكتور جابر لأنها معروفة ومعلومة.. ولكن أصحابنا إياهم لهم منطقهم الكاره للعقيدة والمنهج المستمد منها.. وهم الذين بيدهم الأمر والنهى بالوزارة إياها !!

لقد تسبب التطرف النقدي في مصر في إسقاط العديد من كبار الكتاب من ذاكرة وزارة الثقافة .. فهي (أي وزارة ثقافة ) لا ترى في مصر إلا الروائي الوحيد.. ولا ترى إلا الشاعر الوحيد.. ولا ترى إلا السياسي الوحيد.. ولا ترى إلا الموسيقى الوحيد !!

يبدو أن وزارة الثقافة ( …….. ) ونسألها عن على الجارم.. وأحمد محرم من الشعراء.. ومن النقاد نسألها عن الدكتور عبد العزيز حمودة والدكتور عبد القادر القط والدكتور حلمي القاعود.. وعن أصحاب الرأي والفكر نسألها عن الوهاب المسيرى وجمال حمدان وسليمان حزين !! .. والله غالب على أمره .

هل هناك في مصر الآن من يعرف العالم الكبير سليمان حزين ؟

أقول جازما ً: لا أحد يعرفه.. مصيبة كبرى.. فقط أخرجت له مكتبة الأسرة كتاباً قبل سنوات طويلة وهو حبيس إدراج الوزارة ليلتها تفرج عنه .

نقول لوزارة الثقافة لا داعي لمعاداة العلماء !!

ولعل وزارة الثقافة أيضا تضع في اعتبارها طبع كتب الأستاذ الدكتور النابه جابر قميحة وتقوم وزارة التربية والتعليم بتبسيط أحدها وتقرره على طلبة المدارس الثانوية إسوة بما كان في الماضى من تدريس كتاب (المختار من الأدب العربي).. أمنية .

وهل بقى من الأدب العربي شيئاً بعد أن قضى على معظمه الجهل والتعتيم والتبعية؟

وقد ترك الراحل الكريم للمكتبة العربية الإسلامية ثروة لا تعادلها ثروة.. ومدرسة فكرية مؤسسة على العقيدة .

نعم.. مدرسة فكرية مؤسسة على العقيدة الإسلامية كمرتكز أساسي في التصور الإسلامي عن الله والكون والإنسان.. وهى مدرسة مخالفة في الاتجاه لمدرسة الواقعية المنحرفة التي تسيدت حياتنا الثقافية منذ الغزو الفرنسي لمصر وحتى الآن .

أما عن مؤلفات الراحل الكريم فأبرزها ديوان الزحف المُدنس 1992 م.. والأدب الحديث بين عدالة الموضوعية .. وجنابه التطرف.. وأدب الرسائل في صدر الإسلام.. وصوت الإسلام في شعر حافظ.. والأمام الشهيد حسن البنا.. وغيره من مؤلفات .

رحم الله أستاذ الأساتذة الدكتور جابر قميحة وأنزله منازل الشهداء إن شاء الله

Print Friendly, PDF & Email
قالوا عن د. جابر قميحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img