img
تقديم لكتاب الابتلاء وأثره في حياة المسلمين للدكتور جابر قميحة
img
Print pagePDF pageEmail page

تقديم المستشار عبد الله العقيل

لكتاب الابتلاء وأثره في حياة المسلمين

للدكتور جابر قميحة

 المستشار عبد الله العقيل

الابتلاء سنة إلهية لا ينجو منها أحد، بل ربما زاد بعض البشر على بعض في البلاء، إذ يرتبط الابتلاء بقيم متعددة كالصبر واليقين والثبات والتفاؤل والتوكل والثقة بالله، لذلك يلحق الإنسان من البلاء بقدر تحمله وتغلل تلك القيم في قلبه، وهو ما يوحي به قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): “يبتلى المرء على قدر دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء”، وقوله (صلى الله عليه وسلم): “أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم”.

إن هذا الابتلاء هو في الحقيقة اختبار من الله للعبد ليرى ما سيصنع، لذلك فالعاقل يعلم أن اختيار الله وقدره دائمًا خير له في كل الأحوال خيرًا كان أم شرًا، وهذا ما أشار إليه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حين قال: “ما ابتُليتُ ببلية إلا كان لله عليَّ فيها أربع نِعم: إذْ لم تكن في ديني، وإذ لم أحرم الرضا، وإذ لم تكن أعظم، وإذ رجوت الثواب عليها”.

ولنا في قصة نبي الله موسى مع الخضر (عليهما السلام)، التي وردت في سورة الكهف، خير شاهد على لطف الله بعباده في قضائه، قال تعالى: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا . وَأَمَّا الغُلامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا . فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا . وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا).

وليس الابتلاء على مستوى الأفراد فحسب، وإنما يقع أيضًا على مستوى الجماعات والشعوب والدول، ونحن نرى في ذلك سلسلة من المحن لا تنتهي سواء كانت هذا الابتلاءات جرت بأيدي البشر أو بغيرهم، ولكن المهم في كل ذلك هو التمسك بفقه الابتلاء، ومعرفة كيفية مواجهته والحد من آثاره.

وكتاب أخي الدكتور جابر قميحة (رحمه الله) – الابتلاء وأثره في حياة المسلمين – الذي أشرف بالتقديم له، والذي يقوم على طباعته ونشره وتوزيعه مركز الإعلام العربي- هذا الكتاب يوضح معنى الابتلاء والفرق بينه وبين البلاء والفتنة والاختبار والتكليف في اللغة وفي السياق القرآني.

ويوضح الكتاب هدي القرآن الكريم والسنة النبوية في الابتلاء وما يرتبط به من حقائق وقيم وتوجيهات، ويعرض الكتاب صور الابتلاء في الأمم الغابرة كما عرضها القرآن الكريم، ومنها الابتلاء بالسراء، والابتلاء بالضراء، والابتلاء بالآيات كما حدث مع ثمود وناقة صالح.

ولا يفوت الدكتور جابر (رحمه الله) ذكر فوائد الابتلاء والدروس المستفادة منه وإسقاطها على  حياتنا الحاضرة في شتى المجالات، وخصوصًا السلوكية والتربوية، كما قدم رؤية لما يمكن أن يكون حلا، أو إنقاذًا للشعوب المسلمة والأقليات الإسلامية في المحن التي تستبد بها، وتكاد تخنقها خنقًا.

رحم الله أخي الدكتور جابر قميحة، وأسكنه فسيح جناته، ونفع بعلمه، وجعله صدقة جارية له إلى يوم القيامة.

Print Friendly, PDF & Email
قالوا عن د. جابر قميحة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img