موت منكوس المهرج
مسرحية في فصل واحد موجز:
[المنظرُ: جثمانّ فوق رصيف الشارع، صاحبهُ يبدو كهلا مفتول العضلات طويل القامةْ، أعْرَضُ ما يه قَفاهْ، يتجمعُ بعضُ المارةْ ويدورُ حوارّ لا يخلو من حُزنٍ واستغرابْ ]
الأول: رحمةُ الله عليه، كيفَ ماتْ؟
الثاني: شكلُه ليس غريبا.
الثالث: بل غريبٌ غجريُّ..
رُبَّمَا.
الرابع: يا جماعه. ذاك أمْرٌ لا يُهم. أكرموا الميتَ غطوا وجهَهُ، ريثما يحضرُ مسئولٌمحقَّقْ.
الخامس: هات جُرناَلَك من فضلك كيما نستر الوجهَ بهِ.
السادس: خذه واترك ليَ أخبار الرياضهْ، فبها تحليل “متْشاتِ” الزمالكْ.
الثاني: آه.. إِني قد ذكرتُهْ.. أعرفه.. أسمه الحركي “منكوسُ المهَّرجْ“. وافد لا نعرف أيان ومن أين أتى. (غجريُّ) هكذا قال المعلم “أبّههْ” مستدلا بوشمات على زنديه والصدر وجنبي جبهتِهْ.
السابع: يا سلامْ!! كيف ماتْ؟ فجأةً؟
الرابع: فجأة.. أو غير فجأةْ، ليس للموت كبير يا جماعةْ.
الثامن: كان بالأمس بميدان “الحداقة” –قد رأيته- عارضا فنا عجيبا، فتحدى خمسة قد كتفوه بجنزير حديد، في دقائق فك نفسه، غير لوح من زجاج يمضغه، دون أن يُؤذَي بخدش واحدٍ، بين تصفيق مدوّ، وهتافات تعالت: “عاش منكوس المهرج”.
التاسع: يا جماعة. قد نسيتم أظهر الملكات فيهْ: كان “أستاذًا” يجيد الرقص كله: غجريا.. بلديا.. وفنون الزار والجاز وموسيقي النّـوَرْ.
الثاني: كان عملاقا وموهوبا ولكن كيف مات؟
التاسع: ربما قد مات من ضربة شمس.
الثامن: في يقيني أن ما قلت حقيقةْ: ذات يوم قد سمعتهْ، قال في مقهى المعلم “أبههْ “: “أكره الشمس، وضوء الشمس والدفءَ، وأن أفتح شباكًا لنورْ. فأنا عشت حياتي أعشق المجهول والمحجوب والسر الدفين. وأحب الليل والبدر إذا كان محاقا”.
[الزحام اشتد وامتد فسد الطرقات. فجأة: انشقت الأرض على صرخات ملتاع دميم السحنةِ –ينحنى فوق الجسد. يرفع الجرنال عن وجه الفقيد]
الرابع: أنت يا هذا دع الميت للهِ.. فللموت علينا حُرماتْ.
الدخيل: لا تُـراعُوا.. فأنا المنقذ المحجوب والموهوب والمحبوب معشوق الفقيدْ.
الأول: فلماذا لم تبكّر بالحضور. قبل أن يُـدهَم بالموت الزؤام؟
الدخيل: أنا.. لا أظهر إلا وقت “زنقهْ “. إنه سر حياتي.. أكل عيشي، إنه لو مات “منكوس” حبيبي لا يعد العيش في الدنيا بعيش.
السابع: (باستغراب): إنه لو مات ؟؟!! هل عميتْ ؟ إنه شبعانُ موتًا..
الدخيل: لاتراعوا.. لم يزل في الوقت فرصة.
[ينحني هذا الدخيل “المنقذ” فوق جثمان الفقيد، معطيًا إياه “قبلات الحياة”. ويطيل النفخ حتى تجحظ العينان منه]
السابع: لا حراكْ.. جسدُ المنكوس مازال بلا أدنى حراك!!
[ويوالي المنقذ النفخ بلا جدوى . وفجأة: يسقط النافخ- كالمنفوخ معدوم النّـفَسْ ]
الأول: لا إله إلا اللهْ. سقط (المنقذ) لا حسّ بهِ.
الرابع: وحدوووه.. أمره إن قال: “كن” للشيء “كان” . يستوي المشهودُ والمحجوبُفيها، فانظروا: جَمَعَ الموت هنا ما بين ” منكوس مهرجْ ” ودعِيّ زعم القدرة في منح الحياهْ ، فهوى كالحائط المشروخِ معدومَ الحياهْ ..
ستار
اترك تعليقاً