فارس الحركة الأدبية “جابر قميحة” في عيون المثقفين
– د. حلمي القاعود: الحركة الثقافية فقدت قامة أدبية ونقدية يصعب تعويضها
– د. إبراهيم عوض: قميحة الفارس الذي أزعج النظام البائد بأدبه الساخر
– د. خالد فهمي: 60 سنة خاض فيها معارك أدبية مع خصوم الفكرة الإسلامية
– زكي خلفة: عاش يدافع عن ممارسات الغرب بالمساس باللغة العربية ومكوناتها
كتبت- سماح إبراهيم:
نعى مثقفو وأدباء مصر ابن الحركة الأدبية، فارس الكلمة الذي استطاع بها رد سهام خصوم الحركة الإسلامية، وكروان الشعر، وقائد الأدب السياسي الساخر، الأديب والناقد الكبير الدكتور جابر قميحة، الذي وهب من قلمه ونظمه وأدبه وفكره ما غذَّى به شجرة الفكرة الإسلامية المعاصرة ليصنع بفكره الوسطي الراقي ميدان إبداع أدبي، شعرًا ونقدًا وأدبًا.
الدكتور حلمي القاعود أستاذ الأدب العربي بجامعة طنطا يقول عن الراحل: إن الحركة الإسلامية عامة والأدبية، خاصةً فقدت عمودًا من أعمدتها المعاصرة، وقامة أدبية ونقدية لا يمكن تعويضها، فقد كان رحمه الله مدافعًا صلبًا عن قضايا الإسلام والمسلمين وبذل في ذلك جهودًا فكرية وأدبية تدل عليها مؤلفاته ومقالاته العديدة.
وأضاف أن الأديب الكبير جابر قميحة- رحمه الله عليه- كان من الكتاب المتابعين لما يجري في الحياة الثقافية بدقة ودأب شديدين، ويدرك تمام الإدراك ما وراء الكلام من الأقلام المعادية للإسلام، ويتابع ما يثار حول الإسلام وحول قضاياه المختلفة، فكان قارئًا قوي الملاحظة ومتابعًا جيدًا، وأديبًا متمكنًا من الإلمام بالتراث الإسلامي القديم والمعاصر.
ويشير إلى إسهاماته الجمة في تاريخ الحركة الأدبية ومؤلفاته وقيمتها في التأصيل للحركة والأدب الإسلامي، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر: “منهج العقاد في التراجم الأدبية، أدب الخلفاء الراشدين، التقليدية والدرامية في مقامات الحريري، أدب الرسائل في صدر الإسلام، الشاعر الفلسطيني الشهيد عبد الرحيم محمود، التراث الإنساني في شعر أمل دنقل، صوت الإسلام في شعر حافظ إبراهيم، الأدب الحديث بين عدالة الموضوعية وجناية التطرف، رواية وليمة لأعشاب البحر في ميزان الإسلام والعقل والأدب”.0
وأوضح أن علمه وخبرته بوصفه مدرسًا للأدب العربي في مصر والخارج أهَّلاه للرد على الشبهات التي يثيرها خصوم الإسلام في الداخل والخارج، وظلِّ حتى آخر لحظة في حياته يكتب ويدافع عن الإسلام والحركة الإسلامية بكل ما يستطيع.
وعلى الجانب الإنساني، أشاد القاعود بما كان يتمتع به الأديب الراحل من جانب فكاهي فطري طيب، لزرع البسمة في وجوه الأشخاص من حوله، فكان دائم الاتصال والسؤال عن أصدقائه، ويشارك بقدر المستطاع في التخفيف عن أحزانهم وجلب البسمة والسعادة على قلوبهم، نسأل الله له واسع الرحمة والمغفرة.
فارس نبيل
ويُرجع الدكتور إبراهيم عوض أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس معرفته بالأديب الراحل إلى عام 1984م حينما جمعته ندوة ثقافية بقصر ثقافة مصر الجديدة، وكان رحمه الله يتميز بالتواضع الأدبي، وخفة الظل، فالمعتاد أن يكتب الصغير عن الكبير، لكنه كسر هذه القاعدة، بل حطمها تحطيمًا حينما كتب عني في أحد مقالاته بجريدة “آفاق عربية“، وذكرني بما لا استحقه، ويمكن إرجاع ذلك لنبل نفسه وسابغ فضله، فلهذا الرجل دين كبير في عنقي إلى يوم الدين.
ويقول: إن الكاتب والأديب جابر قميحة رحمه الله كان من أبرز الكُتَّاب الإسلاميين الذين عانوا في فترة النظام السابق لجهرهم بالحق وانتقادهم المستمر لما يجري في قضايا الوطن بأعماله الأدبية الساخرة، وجاءت بادرة تكريمه من قِبل صلاح عبد المقصود وزير الإعلام الحالي منذ سنوات بنقابة الصحفيين تعويضًا له عن تجاهل وزارة الثقافة إنجازات الأدباء الإسلاميين.
وتمنى على الله أن يكون كفاحه الأدبي ومجهوداته في إثراء الثقافة العربية ودراساته ومحاضراته وأحاديثه ونقاشاته مع العلمانيين والملحدين في ميزان حسناته وأن يجازي بها الفردوس الأعلى.
ويضيف د. خالد فهمي الأستاذ بكلية الآداب بجامعة المنوفية أن الدكتور جابر قميحة بلا مبالغة الرائد الأكثر إنتاجًا والأعظم منجزًا في الحركة الأدبية، ففي الجانب الإبداعي ” الشعري والمسرحي والقول النثري “، فهو يعد واحدًا من كبار الأكاديميين الذين كتبوا في النقد من منظور إسلامي، كما أنه صاحب نظرية كاملة في “الشعر الرسالي”، فقدم الأدب الذي يتبنى رسالة إنسانية راقية، خادمة للمجتمع وقد تحدث الكاتب محمود على عشري في دراسة مطولة عن “رسالية الأديب”.
وفيما يخص عطاءه الأدبي طوال الـ60 سنة فالدكتور جابر قميحة خدم المجتمع المصري الإسلامي حتى آخر يوم له، ويشهد له الميدان الثقافي على المبارزات التي خاضها مع العالمنيين والمتغربين وخصوم الفكرة الإسلامية واشتباكه المؤثر الذي يعرِّي مواقفهم المعادية ويرد على شبهاتهم.
ويبيِّن أن انفتاح د. جابر قميحة على جميع التيارات الفكرية والثقافية المعاصرة كان أهم ما يميزه بوصفه أديبًا وظهر ذلك من خلال مؤلفاته وإبداعاته، فهو من أوائل من درس أمل دنقل في كتابه “الأبعاد الإنسانية ” وقام بترجمة أسماء الله الحسنى من الباكستانية.
وقال إن الراحل تنبأ لعدد من الأصوات الشعرية أمثال وحيد دهشان، محمد جودة، ناصر صلاح، وغيرهم من الشعراء المعاصرين، فاليوم نفقد صوتًا شديد العذرية، شديد التأثير في مجمل النشاط الأدبي والثقافي والفكري.
وطالب بألا يضيع مجهود الراحل الكبير أدراج الرياح، فهذا الرجل أدى ما عليه، ومنَّ الله عليه بأن يرى ثمار ما حارب من أجله، وشهد انتصار الفكرة التي جاهد من أجلها.
وقال الشاعر زكي خلفة رئيس رابطة فناني الثورة إن د. قميحة وقف بقوة في وجه ممارسات البعض التي كانت تهدف للمساس بالقصيدة العربية وأصولها ومكوناتها.
وأشار خلفة إلى قصائده ودواوينه التي كانت ترتكز على قيمة ومكانة اللغة العربية لغة القرآن ومن أهمها:” ملحمة النسر واليمامة، للحق والشعب أغني، حوار مع منافق، وصرخة من وراء الأسوار، الهابطون والصاعدون، وسلامًا يا أكبار، وغيرها من القصائد والمسرحيات التي أدهشت رموز الحداثة وأتباع المدرسة الغربية في النقد الأدبي.
اترك تعليقاً