img
سراييفو الدماء والأعراض
img
Print pagePDF pageEmail page

سراييفو الدماء والأعراض

لا يمر شهر في وقتنا الحاضر، إلا ويكتشف المسلمون مقابر جماعية تضم المئات بل الآلاف من بقايا جثث للمسلمين بسبب المذابح التي أقامها لهم الصرب بوحشية لم يعرف لها العالم مثيلا. وهذه القصيدة نظمتها في بدايات المذابح
التي أنزلها الصرب بالمسلمين .

جِـئْـتُ  والـشوقُ سابقٌ لمَسَارِي
لـمَـغـانيها  الراقصاتِ من الفِتـ
لأعـيـشَ الـربـيعَ يْزهُو اخْتِيالاً
غـيـرَ أَنِّـي شـهدْتُ فيها المنايا
هـا  هـي الشمسُ في وِشاح ظَلام
ويُـريـكَ  الـمَـساءُ من شدةِ النَّا
بـعـدَ  أن عَـاثَـت المجاحِمُ فيها
لـم يَـعُـدْ غيرُ باطنِ الأرضِ للنَّا
فـإذا  الـغـائِـرُ العميقُ من الأر
والـديـارُ الْـعَـمَـارُ أين أراها؟
فـإذا مـا نَـجَـتْ مـن النار دارٌ
والـريـاضُ الغناءُ ذابت من النَّار
رُبَّ  سـارٍ بـالـلـيلِ داسَ قُلُوبا
خفف الوَطْءَ ـ يا رعاكَ ـ إلهي ـ
ورُؤوسٌ  مـن الـضـحايا تهاوت
ورضـيـع  يـمـتص حلمةَ ثديٍ
وكـتـاب  بـكـف تـلميذةٍ غنـ
أخـرسـتـهـا  ومـزقته الشظايا
وحـمـى  الـدين قد غدا مستباحًا
والـمـحـاريـبُ  قد علاها ظلامٌ
والـصـلـيبُ اللعينُ في كل درب
وعـذارى  لـعـرضـهـن نشيج
اسـتـبـاحـت عـفـافـه ودماه
وصـحـا الفجر راثيا طهر عرض
ونـيوب  الكلاب في الجسد الغضْ
وكـئـوس  مـن الـدما مترعات
لـمـلـمـي يا ابنتي نزيف جراح
وهـشيما ـ بالأمس كان زهورًا ـ
وحـذاءً  مـن إرث طـفـل شهيد
واقـذفـيها  ـ بكل ما فيك من كر
فـهـمـو  سـادة الخديعة والأمـ
حـيـث حـق الـمظلوم فيه هباء
فـإذا  قـالـوا غـيـر ذلك قومي
واسـألـيهم  ـ والحق يملأ برديـ
ألأنــي رضـيـت بالله ربـا ..
ولأنـي  اتـبـعـت خـيـر نبي
واتـخـذت الـعفاف درعًا طهورًا
ورفـضت الحرام في الحانة السكـ
ألـهـذا يـباح عرضي .. وداري
أيـن مـنا “محمد الفاتح”(*) المغـ
حـين ـ يومًا ـ يقود أسطوله الفذْ
يـرعب  البغي حين يمضي فتهوي
رافـعًـا  رايـة تـسامت وعزت
صـوته الحق، والسيوفُ المواضِي
أيـنـمـا سـار هـادنـته الليالي
وهـوت قـسطنطينة الكفر حسرى
وتـسـامـت مـآذن الحق فيها ..
*               *               *
هـل  تـهب الغداة يا “فاتح” الأمـ
ثـم  صـاروا في غيبة الاسْد أسدًا
وإذا  مـا خـلا الـعـرينُ من الآ
وإذا  غـابـت الـنـسـور تعالى
*               *               *
هـل سـمعت الغداة يا “فاتح للصر
أقـسموا لن يكون في “البسْن والهر
ورمـونـا  بـعـارهـم ثم راحوا
ونـسـوا  أن شـرهم إن يحز في
فـسـيـهـوي  غـدا زهوقا لعينا
فـالـبـقـاء الأصـيل للحق مهما
والـظـلام  الـخسيس مهما تمادى
“لِـسَـرايـيـفُـو”  نُزهَةِ الأنْظارِ
ـنَـةِ والـسّـحرِ والنّدى المِعْطار
وشـروقًـا يـفـيـضُ بـالأنوارِ
كـالـحـاتٍ فـي أَعْظُمٍ .. وَدَمارِ
مِـنْ  دُخـانٍ مُـعَـرْبدٍ .. وَغُبَارِ
رِ  نـهـارًا .. يـا لهُ منْ نهارِ !!
وانـفـجـارٌ يـتْـلوهُ ألفُ انْفجارِ
سِ مَـلاذًا مـن ظَـهـرها الموَّار
ضِ جـحـيـمٌ من اللظَى والشَّرار
هـذه الأرضُ قَـدْ خَـلَتْ مِنْ ديار
لـم  تُـشـاهِـدْ بـالدارِ مِنْ دَيَّارِ
رِ  وصَـاَرتْ لَـظَىَّ على الأطيارِ
وعيونا ـ في الأرضِ ذاتَ احْوِرار
ذا  دمٌ مُـسْـلـمٌ كـمـا الأنْـهارِ
خَـالَـطـتْ مُـحرقا من الأشجارِ
بـيـنـمـا  الأم فـحمت من نار
ـت لـمـسـتـقـبـلٍ بلا أوزار
فـانـمـحـى الحبر بالدم المدرارِ
و”سـرايـيـفـو” مـالها من ذمار
بــعـدمـا أهـدروا دم الأنـوار
حـولـه  هـالـة مـن الأزهـار
يُـشـهِـد  الفجرَ بالصراخ الجِهار
عـصـبـة الـكفر والهوى الغدارِ
دامــع نـازفٍ مـن الأظـفـارِ
ضِ تـمـادت كـمـدية الجزار..
بـأكـف مـنـهـومـة من سعارِ
وبـقـايـا مـن دمـعـك المنهارِ
وبـقـايـا  مـهـتـوكةً من إزارِ
لـم يـمـكـنـه رعـبه من فرار
ب  وآلام ـ فـي وجـوه الـكبار
ـر  إلـيـهـم في “مجلس التجار”
والـقـرارُ الأخـيـرُ لـلـشطارِ
مـن  جـراح شـدتك في إصرار
يـك شـعارًا ـ أنعم به من شعار:
ورضـيـت  الإسلام ديني وداري
وتـلـوت  الـقـرآنَ في الأسحار
وتـحـشـمـت  بـالتقى والوقارِ
ـرى  أبـيـع الـمـتـاعَ للسمارِ
وبـلادي بـشـرعـة الـفـجار؟
ـوارُ يـمـضـي بـالفيلق الهدار
ذَ  ، ويـومًـا بـجـيـشه الجرار
شـامـخـات الـقـلاع والأسوار
إنـهـا  رايـة الـعـلا.. والفخار
فـي نـحـور الـبلقان.. والبلغار
وانـتـصـار  أتـاهُ تلو انتصارِ؟
بـيـد الـفـاتِـح الـعظيم النِّجَارِ
وتـعـالـى  الأذانُ فـي الأسحارِ
*               *               *
ـس  لـقـوم كـانـوا من الفرار
فـهـمـو  الـيـومَ سادةُ الكرَّار؟
سـادِ أضـحى العرينُ سُكنَى الفار
فـي حـمـى الـنسر تافه الأطيار
*               *               *
ب  ومـا جـمـعوا من الأنصار؟
سـك” إسـلام بـل صـليب العار
يـزدهـي  عـارهـم بوهم ضار
يـومـهـم هـذا جولة في المسار
فـي هـوانٍ وذلـة وانـكـسـار
طـال بـغـي الـدعيِّ .. والجبار
سـوف  تـطوِي مداه شمسُ النهار

(*) محمد الفاتح: هو الخليفة العثماني الذي فتح هذه البلاد أواخر القرن الخامس عشر.

Print Friendly, PDF & Email
أشعار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img