img
سبعون عاما في حضن اللغة العريبة الحلقة 17
img
Print pagePDF pageEmail page

           سبعون عاما في حضن اللغة العريبة

الحلقة السابعة عشرة

وداعا يا أرض النضال والجمال

  كنت سعيدا بعيشي في الاسماعيلية ، وأداء عملي الذي أعتبره رسالة مشرفة للنهوض بأبنائنا ، وبناتنا في مجال التربية والتعليم . وأكد هذا الشعور أنني تزوجت إحدى تلميذاتي سنة 1964 ، ورزقني الله بابنتي لمياء . في 25 / 9 / 1964 م . ورزقني بشقيقها ياسر 19 / 2 / 1967  م . كنت أشعر باستقرار أسري سعيد ، وخصوصا أنني استطعت أن أجمع بين أدائي لرسالتي التربوية ، ورسالتي الأسرية ، وتتبع محاضراتي في كلية الحقوق بجامعة القاهرة ، ومحاضرات السنة التمهيدية للماجستير في الأدب بكلية دار العلوم .

          زيادة على سعادتي بعيشي في الاسماعيلية الجميلة الساحرة بلد النضال والجمال دون مبالغة . ولكن الأحداث كانت أقوى من إرادتي وأقوى من تصورات من ينظر إلى واقعنا المعيش آنذاك . ونشير إلى بعض الأحداث التى كانت تتدافع بقوة :

1- خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة بمركز القيادةا   المتقدمة للقوات الجوية معلناً إغلاق خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية
     القاهرة: 22 مايو 1967 الأهرام، القاهرة: 23 مايو 1967 م .

2- بيان الرئيس جمال عبدالناصر، رئيس الجمهورية العربية المتحدة
     في المؤتمر الصحفي الذي عقده في القاهرة لمراسلي الصحافة العربية والعالمية               

     حول الأزمة الراهنة وأجوبته على الأسئلة التي وجهت إليه
     القاهرة: 28 مايو 1967 الأهرام، القاهرة: 29 مايو آثار وردود فعل  

     حتى خارج العالم العربي. ومما جا فيه “…. فلقد وجدت أنه من حقكم

      – أن ألتقي بكم وأتحدث      إليكم بنفسي فيما تريدون سؤالي فيه. وأقول بكل صراحة أنه ليس لدينا ما نريد    أن نطلبه منكم أو ما نريد تفويته عليكم. نريد أن نقول لكم الحقيقة في كل ما     يهمكم من تفاصيل الحوادث كما نراها …. ” ،

ولكن  يهمني في هذا المقام ، أن صحفية ، أو صحفي انجليزي وجه إليه سؤالا مؤداه :

     : وهل سيادتك تستطيع في هذه السن أن تتحمل الأعباءالحربية و النفسية   ؟    

     فكان جوابه الفوري : ” أنا مش خِرع زي إيدن ” . وإيدن كان رئيس الوزراء  

     البريطاني آنذاك. وهللت إذاعاتنا لهذه الحكمة الناصرية ، بل صنعوا منها    

     الأغاني التى تذاع مئات المرات على الجماهير ، وأذكر منها ما غناه محمد طه   

     بفرقته ومزاميره ، وطربوشه المعروف :

 أنا مش خرع زي إيدن قالها ريسنا 

 أنا مش خرع زي إيدن قالها ريسنا

   وتحول الإعلام المصري إلى أبواق رنانة … لا تصور واقعا ، ولكن كما قلت    

   كانت أصواتها أكبر وأعلى من قاماتنا ، وواقعنا . ولا ننسى أحمد سعيد   

   بحنجرته المجلجلة : ” اضرب يا أخي … دمر يا أخي  … ارفع رأسك فالعدو   

   إلى اندحار حتمي ، ودارت الأغاني : مثل ابنك بيقولك يابطل هات لي  انتصار   

   … الخ وكأن الانتصار مصاصة أو حبة بونبوني .

  • نزول النكبة وتبريرها : وبعد هذا المؤتمر أصيبت مصر وبعض البلاد العربية بما يسمى النكسة ، وحقيقتها أنها نكبة ، وإن كان الزعيم الأكبر حاول تبريرها وخداع الشعب عن حقيقتها . والواقع يقرر ما يأتي :                                                                  النكبة التي نزلت بمصر في الخامس من يونيو 1967, وامتد لهيبها إلي الوطن العربي, ومكنت إسرائيل من التهام فلسطين وسيناء والجولان, وأصابتنا في مقتل سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا, وجعلت من إسرائيل أقوي قوة ضاربة في الشرق الأوسط .. هذه النكبة كانت حصيلة طبيعية لمجموعة من الأسباب التي صنعها, وتولي كًبٍرها عبدالناصر وكان غير الطبيعي ألا ننهزم ؛ لأن الغباء المدُقًع لا يصنع نجاحًا, ولأن الطائش الأرعن – مهما استبدّ به الغرور – لا يزرع في قلوب أعدائه إلا الاستهانة به, والسخرية منه, وفاقد الشيء لا يعطيه.
    وغصت السجون بأشراف هذه الأمة, وشنق الأبرياء, وطورد كل من يقول لعبد الناصر لا, وأطلق علي هؤلاء لقب «أعداء الشعب», فكيف يقاتل شعب يعاني من حاكمه أكثر وأشد مما يعاني من أعدائه ؟ وسلط عبد الناصر علي الشعب زبانيته الذي استباحوا الحرمات ونهبوا الأموال, واستعملوا أحط الوسائل في التعذيب والتشريد والإرهاب. ومع ذلك نهض من الكذبة والمنافقين من يزعم بأن عبدالناصر لم يكن يعلم بجنايات هؤلاء.
    منظومة الأكاذيب
    وابتداء من صباح 5 يونيو 1967 بدأت منظومة إعلامية من الأكاذيب لخداع الشعب, وإيهامه بنصر لا وجود له. وقد سجلتُ بأوراقي – في حينها – ما سجلته صحيفة الأهرام, ومنها أقدم للقارئ القطوف الآتية:
    أهرام الثلاثاء 6/6: قواتنا المدرعة تتوغل داخل خطوط العدو – إسقاط أكثر من 86 طائرة للعدو خلال هجماته الأولي, وأسر وقتل عدد من طياريه..
     بيان رقم 2: إسقاط 23 طائرة للعدو.
     –
    بيان رقم 3: إسقاط 42 طائرة للعدو.
     –
    بيان رقم 4: إسقاط 44 طائرة للعدو..
     –
    بيان رقم 9: إسقاط 70 طائرة للعدو.
     بيان رقم 16: توغلت قواتنا المدرعة بعد معارك عنيفة مساء اليوم في داخل الأراضي المحتلة من إسرائيل.
     أهرام الأربعاء السابع من يونيو 1967 الطيران الأمريكي والبريطاني يعمل ضدنا في المعركة.. قواتنا تخوض الآن معارك ضارية, وتقف ضد هجمات عنيفة يشنها العدو علي مواقع العريش وأبو عجيلة والقسيمة.
    أهرام الخميس 8 من يونيو. القتال مستمر بعنف علي الجبهة المصرية.. قواتنا تتجمع علي خط الدفاع الثاني, وتلحق بهجمات العدو خسائر فادحة .. خسائر العدو في الطيران خلال الاشتباكات مع قواتنا الجوية تصل أمس إلي ما يقارب  300 طائرة .
    (ملاحظة: ثبت أن كل سلاح الطيران الإسرائيلي لا يزيد علي 160 طائرة).
    أهرام الجمعة 9 من يونيو: وقف إطلاق النار.. القوني أبلغ قرار ج. ع. م. في رسالة إلي السكرتير العام للأ/مم المتحدة , أعلنها في الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن قبل منتصف الليل. و أسمع – مساء الجمعة 9/6 خطاب عبدالناصر في التلفاز المصري, وفيه يعلن أنه اتخذ قرارًا بأن «يتنحي تماما ونهائيا عن أي منصب رسمي, وأي دور سياسي, وأن يعود إلي صفوف الجماهير, يؤدي واجبه معها كأي مواطن آخر.
    وفي هذا الخطاب يعلن أنه كلف زميله وصديقه وأخاه زكريا محيي الدين بأن يتولي منصب رئيس الجمهورية.
    والذي يهمنا في هذا الخطاب أن عبدالناصر برر الهزيمة بمبررات ثلاثة هي: أن العدو – في سلاح الطيران – كان يعتمد علي قوة أخري غير قوته العادية, زيادة علي وجود تواطؤ استعماري معه علي أوسع نطاق. وأهم من هذين التبريرين, وهو أهمها في نظر عبدالناصر – “أن العدو الذي كنا نتوقع هجومه من الشرق ومن الشمال, جاء من الغرب“..
  • – وبنظرة علمية لما حدث ااستطاع المحللون العسكريون تشخيص الأسباب التى أدت إلى انتصار إسرائيل وانهزام مصر ومن معها من العرب بما يأتي :
  1. غياب الخطط العسكرية الحربية على مستوى القيادة العربية الموحدة بسبب غياب إرادة القتال لدى القيادات العربية.
  2. الاستعداد الإسرائيلي التام للحرب.
  3. استخدام إسرائيل لعنصر المفاجأة في ضرب القوات العربية، حيث لم يتوقع العرب هجوماُ عند الفجر لكن إسرائيل نفذت الهجوم في هذا الوقت؛ مما أفقد العرب توازنهم وسبب خسائر فادحة في صفوف القوات العربية.
  4. تفوق القوات الإسرائيلية المسلحة بأفضل الأسلحة الغربية الحديثة وخاصة سلاح الطيران الإسرائيلي الذي سيطرت به إسرائيل على ميادين القتال في جبهات مختلفة.
  5. مساندة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لإسرائيل عسكرياً واقتصادياً.
  • نقص التدريب الجيد والأسلحة المتطورة في صفوف الجيوش العربية. (بالرغم من أن الجيش الأردني تمكن من دحر هجوم إسرائيلي رئيسي استهدف احتلال المزيد من الأراض العربية في معركة الكرامة في 21 مارس 1968 بعد بضعة أشهر فقط من حرب 1967 بنفس التسليح ودون غطاء. حاول بعض المسؤولين العرب البحث عن مبررات أخرى للهزيمة، فقالت إذاعة صوت العرب التي يرأسها أحمد سعيد أن القواعد العسكرية الأجنبية في ليبيا، ومنها قاعدة ويلس العسكرية، استخدمت لمساعدة الإسرائيليين في هذه الحرب، كما ردد محمد حسنين هيكل مزاعم مماثلة .
  • وكانت خسائر مصر : نقل أمين هويدي عن كتاب الفريق أول محمد فوزي أن الخسائر بأعداد قوة الطيارين كانت 4% و17% من القوات البرية، وكانت الخسائر قي المعدات 85% قي القوات البرية، وكانت خسائر القوات الجوية من القاذفات الثقيلة أو الخفيفة 100%، و87% من المقاتلات القاذفة والمقاتلات، وكان عدد الشهداء والمفقودين والأسرى هو 13600 عاد منهم 3799 أسيرا من بينهم 481 ضابطا و38 مدنيا والباقى جنود وصف ضابط واتضح بعد المعركة أن عدد الدبابات مائتا دبابة تقريبا دمر منها 12 دبابة واستشهد منها 60 فردا وتركت 188 دبابة للعدو[24].الاردن 6094 شهيد ومفقود سوريا 445 شهيد 1898 جريحإسرائيل 872 قتيل. إلى جانب ذلك إسرائيل كانت مساحتها قبل الحرب 13 الف كيلو متر مربع وبعد الحرب 42 الف كيلو متر مربع وأهم النتائج احتلال قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان وتحطم معنويات الجيوش العربية وأسلحتها  ولعل من أسوأ نتائج الحرب من وجهة نظر قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان، وتحطم معنويات الجيوش العربية وأسلحتها وبعد اجراء المحاكمات لمتسببي الفشل العسكري وبعد مضي فترة من الزمن اخذت تتكشف الحقائق عن إخفاق القائد العام للقوات المسلحة المشير عبد الحكيم عامر بوضع الخطط وتنفيذها بالشكل الصحيح بضمنها خطط الانسحاب العشوائي، وإن كان الرئيس عبد الناصر يتحمل المسؤولية الكبرى لقبوله بأن يتعرض للضربة الأولى. وصدر عن مجلس الأمن القرار 242 في تشرين ثاني 1967 الذي يدعوا إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران 1967 وبعودة اللاجئين إلى ديارهم  . أدت حرب 1967 إلى إعادة تنظيم الخطط العسكرية العربية واعادة تنظيم قطعها. •كذلك قيام القوات المصرية والسورية بحرب الاستنزاف على القوات الإسرائيلية وكانت من منجزاتها عملية ايلات التي تم الهجوم على ميناء أم الرشاش الذي اسمته إسرائيل إيلات حيت تم تلغيم الميناء وقتل عدد من العسكريين وتدمير ناقلتى جنود إسرائيليتين (بيت شيفع، بات يام)، وإغراق مدمرة إسرائيلية أخرى (المدمرة إيلات)أمام سواحل بورسعيد بواسطة لنشات الصواريخ المصرية. ولم تتوقف العمليات العسكرية السورية في الجولان من بعد 1967 واستمرت حرب الاستنزاف عدة سنوات، من جهتها استخدمت إسرائيل الحرب النفسية والإعلامية لتصوير هذه الحرب على أنها نكسة وهزيمة لشل القدرة العربية على القتال لكن مماطلة الإسرائيليين في تنفيذ قرار الأمم المتحدة أدت إلى تفكير العرب بالحرب مرة أخرى وكان ذلك في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973م.

                                             **********

     وما ذكرته آنفا إنما هو عطاء الحقائق بصورة علمية ، يقطع التاريخ بصحتها ، وبقي ما رأيته أنا بعيني رأسي ، وما عانيته أنا وأسرتي . ويتلخص فيما يأتي :

  • كنت منتدبا لإدارة امتحان الثانوية العامة في مدينة بورسعيد ، فلما وقعت الضربات الأولى يوم الاثنين 5 من يونيو 1967 م كنا نحن جميعا نؤمن بأن هذه نهاية إسرائيل الأبدية ، وكان إعلامنا صاحب فضل كبير في ذلك . وهو إعلام ثبت أنه قائم على الغش والخداع والتزوير . فكنا ونحن في اللجان نكلف أحد الفراشين ( العمال ) بأن يلتقط من المذياع عدد ما نسقطه من طائرات ، فكان يخرج ويأتي ويفرد أصابع يديه ، وهذا معناه أننا أسقطنا عشرين طائرة ، ثم نكلفه بالخروج مرة ثانية فيشير إلينا بأصابع يديه بأننا أسقطنا خمسين ، ووالله لقد كدنا نطير من الفرح ، وانتهى اليوم بانتشار بعض الجنود المصريين في بورسعيد وسماع صفارات الإنذار ، وتبينت الحقيقة ، فلم نستطع أن نعود إلى الاسماعيلية ــ بعد الأمر بإيقاف الامتحانات ــ إلا في العاشرة مساء ، كان القطار مزدحما ، ويسير في هدوء ، وهو مطفأ الأنوار خشية أن تكشفه الطائرات الإسرائيلية فتنسفه بالقنابل . عدت إلى أسرتي : أم الأبناء والطفلة لمياء وأخر العنقود ياسر الذي ولد من أشهر أربعة ، فوجدتهم جميعا في هلع وفزع .
  • فوجئنا بأعداد كبيرة من الجيش المصري تزدحم بها شوارع الاسماعيلية ، وهم الجنود المنسحبون من الضفة الشرقية للقناة ، وكانوا في حالة سيئة جدا ، في ملبسهم وشدة جوعهم وعطشهم ، ولم يكن معهم أحد الضباط ليرشدهم عما يفعلون ، وقد رأيت بعضهم ممزق الثياب ، وأغلبهم يعلوا الشحوب وجوههم من شدة ما عانوا ، فكان أهل الاسماعيلية يعطفون عليهم ويقدمون لهم الطعام والشراب ، كان المنظر أبشع من أن يحتمل .
  • ذهبت إلى معهد المعلمين لأستطلع الحقيقة فرأيت بعض الجنود ومعهم بعض الضباط الذين لم يتقدموا للحرب ، بل يستعدون لأي هجوم آخر . ومعنى هذا أن الدراسة قد عطلت .
  • وفي اليوم التالي رأينا الأهالي يصرخون : مظلات اسرائيلية ، فرأينا مظلات تسقط واعتقدنا أنهم يريدون مدينة الإسماعيلية ، ولكن الواقع أنها برشوتات محملة بالحلوى والمشروبات يسقطها الطيران الاسرائيلي على مواقع جنوده احتفالا بالنصر .
  • ولا أنسى إحدى الليالي السوداء فإن أحد الجنود المنسحبين بدبابته أخذ يطلق النار على المواقع الإسرائيلية ، فرصد المكان وأمطر بعشرات من قذائف المدفعية الإسرائيلية ، وطلبت من زوجتي أن تحمل الطفلين بسرعة إلى الدور الأرضي ، لأننا كنا نسكن في الطابق الخامس وهو معرض للضرب ، كنا في هذه الليلة نسمع صرخات الجرحى ، كما كنا نشم رائحة الشواء بسبب اشتعال أجسام الأهالي من النار . ثم أصابت إحدى القذائف حجرة من مسكننا ، ولو تأخرت الأم في النزول إلى الدور الأسفل لكانوا ضمن الشهداء . أخبرني من لا أتهم أن بعض الجثث كانت تعبث الكلاب بها ، لكثرتها ، ولجوع هذه الكلاب الضالة .
  • أمام كل اؤلئك لم يعد أمامنا إلا ترك الاسماعيلية إلى أي بلد أخر … المهم أن نبعد وأولادنا عن الخطر المتتابع . ولكن المشكلة كانت في وسيلة المواصلات ، فعدد كبير من الأسر استقلوا سيارات النقل ، ولم يعد هناك مجال للانتقال بوسيلة تضمن سلامة أسرتي . إلى أن قيض الله لنا سيارة انطلقنا بها إلى القاهرة ، على أن أعود أنا بمفردي للقيام بنقل أثاث المسكن إلى المنزلة مسقط رأسي .
  • كل ذلك كان يحدث وهذه المنطقة في واد غير وادي القاهرة ، وكأن لم يحدث حرب سقطت فيها سيناء وغزة وغيرها من البلاد العربية والفلسطينية . وسرت في شارع فؤاد الأول بالقاهرة لأجد طابورا طويلا لا يقل طوله عن نصف ميل أمام شباك تذاكر السينما ، فاعتقدت أن السينما تعرض فيلما من أفلام الحرب التى تشحن الشعب لمواجهة الأعداء ، ولكني صدمت نفسيا ، ودارت بي الأرض لأن الفيلم المعروض اسمه ” انفجار ” blow up. سألت أحد الواقفين في انتظار دوره : ما الذي يشدك إلى هذا الفيلم ؟ فكان جوابه : يابيه دي عملية شبابيه … عملية ترفيه يابيه … ومناظر عريانة عيني عينك … وبصراحة تامة . عندئذ آمنت بأن حكومتنا قد نجحت في تزييف مشاعر شعبنا المسكين .
  • بيان الرئيس جمال عبد الناصر
    إلى الشعب والأمة بإعلان التنحى عن رئاسة الجمهورية
    من مبنى الإذاعة والتليفزيون
    ٩/٦/ ١٩٦٧ ومما جاء فيه :
    أيها الإخوة:
    لقد تعودنا معاً فى أوقات النصر وفى أوقات المحنة.. فى الساعات الحلوة وفى الساعات المرة؛ أن نجلس معاً، وأن نتحدث بقلوب مفتوحة، وأن نتصارح بالحقائقولقد اضطرت قواتنا المسلحة فى سيناء إلى إخلاء خط الدفاع الأول، وحاربت معارك رهيبة بالدبابات والطائرات على خط الدفاع الثانى.
    ثم استجبنا لقرار وقف إطلاق النار، أمام تأكيدات وردت فى مشروع القرار السوفيتى الأخير المقدم إلى مجلس الأمن، وأمام تصريحات فرنسية، بأن أحداً لا يستطيع تحقيق أى توسع إقليمى على أساس العدوان الأخير، وأمام رأى عام دولى – خصوصاً فى آسيا وإفريقيا – يرى موقفنا، ويشعر ببشاعة قوى السيطرة العالمية التى انقضت علينا.
    وأمامنا الآن عدة مهام عاجلة:
    المهمة الأولى: أن نزيل آثار هذا العدوان علينا، وأن نقف مع الأمة العربية موقف الصلابة والصمود. وبرغم النكسة فإن الأمة العربية بكل طاقاتها وإمكانياتها قادرة على أن تصر على إزالة آثار العدوان.
    والمهمة الثانية: أن ندرك درس النكسة، وهناك فى هذا الصدد ثلاث حقائق حيوية:
    ١إن القضاء على الاستعمار فى العالم العربى يترك إسرائيل بقواها الذاتية، ومهما كانت الظروف ومهما طال المدى، فإن القوى الذاتية العربية أكبر وأقدر على الفعل.
    ٢إن إعادة توجيه المصالح العربية فى خدمة الحق العربى ضمان أولى، فإن الأسطول الأمريكى السادس كان يتحرك ببترول عربى، وهناك قواعد عربية وضعت قسراً – وبرغم إرادة الشعوب – فى خدمة العدوان.
    ٣إن الأمر الآن يقتضى كلمة موحدة تسمع من الأمة العربية كلها، وذلك ضمان لا بديل له فى هذه الظروف.
    – وأنا على استعداد لتحمل المسئولية كلها، ولقد اتخذت قراراً أريدكم جميعاً أن تساعدونى عليه: لقد قررت أن أتنحى تماماً ونهائياً عن أى منصب رسمى وأى دور سياسى، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدى واجبى معها كأى مواطن آخر.
    وتطبيقاً لنص المادة ١١٠ من الدستور المؤقت الصادر فى شهر مارس سنة ١٩٦٤ فلقد كلفت زميلى وصديقى وأخى زكريا محيى الدين بأن يتولى منصب رئيس الجمهورية، وأن يعمل بالنصوص الدستورية المقررة لذلك، وبعد هذا القرار فإننى أضع كل ما عندى تحت طلبه، وفى خدمة الظروف الخطيرة التى يجتازها شعبنا.
    والسلام عليكم ورحمة الله.   
  • وبعدها قامت مظاهرات ــ متفق عليها ــ تطالب بعودة عبد الناصر ، وبذلك جعل النكسة نكستين .
  • والمؤلم المخزي حقا أننا كنا نرى اليهود وقد علقوا على مبنى ضخم في القنطرة شرق لافتة قماشية ضخمة مكتوب عليها بخط كبير : بسم الله الرحمن الرحيم “… كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ “ البقرة (249)    

                                          *********

          وقد تأثرت لمشهد المظاهرة المفتعلة في مسرحية ” محكمة الهزل العليا :    

 ( موسيقا عسكرية ، والضوء يشحب شيئاً فشيئاً ، وأصوات الفرقعات والأضواء المتقطعة تظهر في الخارج كالبرق ، ويتدلى من سقف المسرح ” مايكروفون ” ، وتُسَلط الأضواء على وجه الملك ، وتظهر على المسرح كاميرات تلفاز مسلطة عليه ، ويبدأ المنصور في إلقاء خطابه بصوت مجسم) .

يا شعبَ المنصور الغالي

قد كان توقعنا لهجوم اليأجوجيينْ

أن يأتي من جهة الشرقْ

لكنهم غدروا .. هجموا من ناحية الغرب

على غير توقعنا …

غطَّوا كلَّ مطارات الوطن الغالي في لحظاتْ

تسندهم ريكا العظمى .. تانا الكبرى

وبقية أعداء الوطن الغالي .

… وأقولُ لكمْ …

قررتُ العزلة يا شعبي

معتزلاً سلطان الحكمْ

معتكفاً في صومعة الحبِّ

أجدِّدُ ـ ليلي ونهاري ـ عهدَ الحبّ المتنامي

للشعب الغالي المحبوب

وأخلّي المنصبَ كي يأتي بعدي

من هوَ أقدرُ مني في تسيير الدفَّةْ

حتى أثبتَ للأعداءْ

أن الشعبَ جميعاً مثلُ المنصورْ

ملايينٌ في عزم المنصورْ

قد نخسرُ معركةَ .. لكنْ لا يمكنُ أنّ نخسرَ حرباً

(تُسمع جلبة أصوات مختلطة من بعيد ، تقترب رويداً .. رويداً ، لا يتضح منها إلا جملة ” لا تتنحَّ ” ، ويستمر الملك في خطابه)

وأكررُ قولي : لا تثريبَ اليوم عليكم

أن تختاروا ملكاً غيري

وأكونَ كفردٍ من شعبي

أصدعُ بالأمرِ لمن يأتي ملكاً بعدي (يعلو صوت المظاهرة ـ غير المرئية ـ حتى يكاد يحجب صوت الملك)

وأنا أوقنُ أني لن أتخلى أبداً عن شعبي

شعب الحبِّ ، وشعب الخير ، وشعب النصرْ .

(يَشحب الضوء تدريجياً ، ويتغير المنظر إلى شارع من شوارع العاصمة ، يؤدي إلى شارعين جانبيين : الأول في أقصى يسار المسرح ، والثاني في أقصى يمينه ، ويقترب صوت المظاهرة جداً ، وهي تهتف)

لا تتنحَّ … لا تتنحَّ

(ثم تظهر مقدمة المظاهرة من الشارع الجانبي الأيسر ، وعلى رأسها صوصاوي العرَّة بطربوشه وجلبابه البلدي ، يحمله اثنان ، ووجهه للمتظاهرين ، واثنان منهم يحملان لافتة قماشية ضخمة مكتوباً عليها)

الشعبُ ألحَّ … لا تتنحَّ

(والمظاهرة تتحرك ببطء بقيادة صوصاوي الذي كان يردد العبارة الأولى فيردون عليه بالعبارة الثانية على النحو التالي)

صوصاوي : لا تتنحَّ              الجمهور : لا تتنحَّ

صوصاوي : الشعب ألحَّ          الجمهور : لا تتنحَّ

صوصاوي : الوطن ألحَّ          الجمهور : لا تتنحَّ

صوصاوي : الحب ألحَّ           الجمهور : لا تتنحَّ

صوصاوي : يا منصور          الجمهور : يا منصور

صوصاوي : الوطنُ فداؤكَ       الجمهور : يا منصور

صوصاوي : والماء فداؤك       الجمهور : يا منصور

صوصاوي : والرمل فداؤك     الجمهور : يا منصور

صوصاوي : والأرض فداؤك   الجمهور : يا منصور

صوصاوي : وجزيرة سينو      الجمهور : يا منصور

صوصاوي : والشعب ألحَّ         الجمهور : لا تتنحَّ

صوصاوي : لا تتنح                الجمهور : لا تتنحَّ

صوصاوي : الشعب ألح           الجمهور : لا تتنحّ

(تصل مقدمة المظاهرة إلى مدخل الشارع الجانبي الأيمن ، وهي مستمرة في الهتاف بينما آخرها ما زال يتدفق من الشارع الأيسر ، يسرع صوصاوي العرة إلى خلف المسرح ، ويستبدل بالطربوش لبدة ، ويرتدي معطفاً فوق الجلباب ، ليكون على رأس مظاهرة جديدة بزي مختلف ، وبينما تدخل مؤخرة المظاهرة الأولى الشارع الجانبي الأيمن ، تظهر مقدمة المظاهرة الثانية يحمل اثنان منها لافتة كتب عليها)

الشعب يلحُّ .. لا تتنحوا

(وصوصاوي يحمله اثنان وتسير هذه المظاهرة على النسق السابق)

صوصاوي : لا تتنحوا            الجمهور : لا تتنحوا

صوصاوي : الشعبُ يلحُّ          الجمهور: لا تتنحوا

صوصاوي : والكلُّ يلحُّ           الجمهور : لا تتنحوا

صوصاوي : والحبّ يلحُّ          الجمهور : لا تتنحوا

صوصاوي : يا منصور          الجمهور : يا منصور

صوصاوي : يا منصور          الجمهور : يا منصور

صوصاوي : صوصاوي يلحُّ     الجمهور : لا تتنحوا

صوصاوي : صوصاوي يلحّ     الجمهور : لا تتنحوا

صوصاوي : صوصاوي العرَّة   الجمهور : يسترضيك

صوصاوي : ويقول والنبي       الجمهور : خليّك خليك

صوصاوي : يا منصور          الجمهور : يا منصور

صوصاوي : يا منصور          الجمهور : يا منصور

(تنتهي المظاهرة الثانية إلى مدخل الشارع الأيمن بالطريقة السابقة ، ويسرع صوصاوي من خلف المسرح ، ليقود المظاهرة الثالثة ، وهو يرتدي ـ وكذلك أغلب المتظاهرين ـ زيّاً أشبه بزي أهل الإسكندرية من أولاد البلد . والمتظاهرون يحملون لافتة كتب عليها)

أيُّوهْ أيُّوهْ = أوعوا تنحوه

ونروح ببلاشّ = ولا يتنحاشْ

(وتعلو الهتافات التي يقودها صوصاوي العرة بالطريقة السابقة)

صوصاوي : أيُّوه أيّوه = الجمهور : أوعوا تنحوه

صوصاوي : أيّوه أيُّوهْ = الجمهور : أوعوا تنحوه

صوصاوي : ونروح ببلاشّ = الجمهور : ولا يتنحاشْ

صوصاوي : ونروح ببلاشّ = الجمهور : ولا يتنجاش

صوصاوي : أيُّوه أيّوه = الجمهور : أوعوا تنحوه

صوصاوي : أيّوه أيّوه = الجمهور : أوعوا تنحوه

صوصاوي : يا منصور = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : يا منصور = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : ولأنتَ الناصرُ = الجمهور : والمنصورْ

صوصاوي : ونروح ببلاش = الجمهور : ولا يتنحاشْ

صوصاوي : ونروح ببلاشّ = الجمهور : ولا تتنحاشْ

صوصاوي : يا منصور = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : صوصاوي العرّةُ = الجمهور : يسترضيك

صوصاوي : ويقول والنبي = الجمهور : خليِّك خليك

صوصاوي : ويقول والنبي = الجمهور : خليك خليك

صوصاوي : يا منصورْ = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : أيُّوه أيُّوه = الجمهور: أوعوا تنحوه

(تنتهي المظاهرة الثالثة إلى مدخل الشارع الأيمن بالطريقة السابقة ، ويسرع صوصاوي العرة إلى خلف المسرح ، ليغير ملابسه ، وكذلك بقية المتظاهرين ـ مع تواصل المظاهرة ـ إلى الزي الصعيدي .. وتخرج المظاهرة الرابعة بقيادة صوصاوي العرة من الشارع الجانبي الأيسر ، يحمل اثنان منها لافتة كتب عليها بخط كبير)

أنتَ المفتاحْ = واْنا الكَوَالين

(وتبدأ الهتافات على النحو التالي)

صوصاوي : حَتْسِبْنا كيفْ = الجمهور : يا وِلْد العَمْ

صوصاوي : حتسبنا كيف = الجمهور : وحْنا ولادْ عمْ

صوصاوي : مِنْ غيركْ نَبْجَى = الجمهور : في همّ وغمْ

صوصاوي : مِنْ غيركْ نبجى = الجمهور : في همّ وغمْ

صوصاوي : وتسبنا كيفْ = الجمهور : وحْنا ولادْ كيفْ

صوصاوي : وتسبنا كيفْ = الجمهور : وحنا ولادْ كَيِفْ

صوصاوي : دانْتَ الفييِّس = الجمهور : وحْنا المساكين

صوصاوي : دانتَ الفييس = الجمهور : وحْنا المساكين

صوصاوي : دانْتَ المفتاحْ = الجمهور : وحْنا الكوالينْ

صوصاوي : دانْتَ المفتاحْ = الجمهور : وحْنا الكوالينْ

(يخف صوت المظاهرة تدريجياً ، ويشحب الضوء كذلك تدريجياً ألى أن يظلم المسرح للحظات ، يتغير فيها المنظر لتظهر قاعة العرش ، وبها الملك المنصور ، وقلمون ، ومحزون وبعض الضباط ، وكاميرات التليفزيون ويسمع صوت المنصور مجسماً مضخماً)

يا شعب المنصورِ الغالي

يا روحَ الروح ، وقلبَ القلبْ

وأمام الإصرار الجارف في كلِّ مكانٍ بالوطن

لا أملكُ إلا أن أصدعَ بإرادة شعبي المحبوبِ

فأقررَ عودتنا فوراً لتولي الملْكْ

وإزالة آثار العدوان

عاش الشعب وعاش الجيشْ

(يزيد صوت الفرقعات ، وأزيزُ الطائرات ، وصفير الصواريخ ، ولكن يسمعُ تهليلٌ عالٍ جداً خارج المسرح ، وتشحب الأضواء مرة أخرى ، إلى درجة الإظلام ، ليظهر منظر الشارع مرة أخرى ، ومظاهرة ضخمة متنوعة الأزياء يقودها صوصاوي العرة بزيه الأصلي الأول سائراً على قدميه محزوم الوسط وهو يحمل عصا مثل ” نبوت ” أبناء البلد ، واثنان من المتظاهرين يحملان لافتة كتب عليها)

عودٌ منصورْ = يا منصورْ

مبروك النصرْ = يا منصورْ

 )يبدأ صوصاوي في الرقص ، ويعلو صوت موسيقا راقصة ، وتصفيق منغوم ، وتدور الهتافات على وقع الموسيقى ، والتصفيق على النحو التالي)

صوصاوي : عوْدٌ منصورْ = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : عوْدٌ منصورْ = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : وهزمت عدوك = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : والشعب يقولْ = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : مبروكْ مبروكْ = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : وأنت مبروكْ = الجمهور : يا منصور

صوصاوي : وأنت الناصرُ = الجمهور : والمنصور

صوصاوي : عود منصور = الجمهور : يا منصور

(يدور الرقص ، ويزداد الصخب ، ويرتفع صوت الانفجارات ، وتظهر خيالات حرائق ، ولهب من بعيد ، ويرتفع دخان كثيف في المسرح ولكن الرقص ، وتصفيق المتظاهرين مستمر ويخف الصوت تدريجياً ـ مع استمرار حركات المظاهرة ـ حين يظهر التاريخ (الضرير) وهو يمسك بعصا . يقف في مقدمة المسرح من الناحية اليسرى وهو يقول بصوت عميق متهدج)

والآنْ .. والآن

يا ولدي الطيب هل أضحكْ ؟

لا أقدرُ .. حقاً .. لا أقْدِرْ .

فالضاحك إما فرحانٌ أو شمتانْ

آه ..

هل أبكي ؟ ؟

أنا لا يمكنني ـ يا ولدي ـ أن أذرف دمْعةْ

فهمو قد نزعوا قنواتِ دموعي من قاعَيْ عينيْ

لكن .. بقيتْ قنوات شعوري لا تنضبْ

وبصيرة قلبي لا تخمدْ

دوماً تعملُ وتسجل حركاتِ الزمنِ ونبضَ الكونْ

(يزيد صوته ارتفاعاً وعمقاً ..)

وتسجل أيامَ شعوب تقتاتُ الطينَ

وتهوى الذلَّ .. وتأنفُ أن يحكمها العدلْ

وشعوبٍ ترفضُ أن تسجدَ إلا لله

تتعشق طعم التضحية

وتموت لتحيا شامخةً

وتريق دماها راضيةً

كيْ تنبتَ أزهارُ الحبِّ الباسمِ في أرضِ المجدْ .

(يصمت التاريخ للحظات يرتفع خلالها صوت المظاهرة الراقصة والفرقعات ثم تنخفض هذه الأصوات تدريجياً مع استمرار الرقص وحركات المتظاهرين ، ويواصل التاريخ كلامه بصوت عميق متهدج ممزوج برنة حزن شديد)

ما زلتَ تسألُ يا ولدي

عن اسم زمان الأحداث ..

عن اسم العصرْ ؟

ما زلت مُصراً ؟ فلتعلمْ

ذلك عصرُ البشرِ الوَثَنِ

عصرُ الإنسانِ الساجدِ للإنسانْ

وإذا ما عبد الإنسانُ الإنسانْ

كان المعبودُ هو الشيطانْ

والعابدُ في الدرْكِ الأسفل كالحيوانْ

لا تعجبْ من حكمي هذا

فالعقلُ مهينْ

والرأي سجينْ

والحكم لعينْ

واللصُّ الفاجرُ يُدعى خيرَ أمينْ

(يهم بالانصراف ببطء شديد .. والستار يسدل تدريجياً .. ويواصل الكلام بصوت أعمق)

وسأمضي يا ولدي الطيب

وسأمضي

فأمامي مشوارٌ جدُّ طويلْ

لن ينتهي بقرن أو بقرونْ

لن ينتهي بقرن أو بقرونْ

لن ينتهي بقرنٍ أو بقرونْ

(يعلو صوت المظاهرة ويشتد صوت الانفجار..ثم يشحب الصوت تدريجياً مع إسدال الستار تماماً .)

  

Print Friendly, PDF & Email
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img