img
زيارة فوق العادة للخيول العربية
img
Print pagePDF pageEmail page

زيارة فوق العادة للخيول العربية

ألقى د. جابر قميحة هذه القصيدة في الندوة التي أقامتها اللجنة العربية لمساندة المقاومة الإسلامية في لبنان , وذلك  لتكريم الشاعر, وحضرها لفيف من الشعراء والمثقفين. أما الباعث النفسي لنظم هذه القصيدة فكان على إثـْر(ما قاله أحدهم  لرئيس الوزراء الإسرائيلي: إن العرب قد يقطعون المفاوضات , فرد قائلا : لن يفعلوا؛ لأنهم لا يملكون عن المفاوضات بديلاً. فكانت هذه القصيدة).

سـعـيـتُ إلـيـكِ كطيفٍ جريحٍ كـسـيـرَ الـفـؤاد حـزينًا عليلا
سـعـيـت يمزق خطوي الضياعُ ومـا غـيـرُ شـوقي إليك الدليلا
لـكـيـمـا أعـانـق فـيك الإباء وأتـلـوَ سِـفْـر عُـلاك الـجليلا
وأسـتـنـشـقَ الـعَـبَق اليعْربيَّ وعـزمـا عـنـيـدا ومجدًا أثيلا
فـيـنْـداح يـأسـي ويذوي أساي ولـكـنـنـي لـم أجـدْكِ الخيولا
ولـكـن بـقـايـا نعاج .. عجافٍ مـفـكـكـةِ الـعزم تحْكي الطلولا
وفـي مـقـلـتـيـك ذبـابٌ مقيمٌ لـيـمـتـصَّ منك البريقَ الأصيلا
ومـضـمـارك الفذ أضحى حلالا لـمـن يـبـتـغيه، وقد كان غِيلا
أشـاهـد كـلـبًـا عـقورًا .. به وذئـبًـا حـقيرًا .. وضبعًا هزيلا

* * *

فـنـامـي ونـامي، فلا الفجرُ لاح ولـيـلـك يـبدو طويلا .. طويلا
وفـي سـاحـة الهول لا النقْعُ ثار ولا “خـالـد” جـاء يـحمي القبيلا
ولا “سـعـدُ” قـام يـشق الصفوفَ لـيـجـعـل جيش الأعادي فلولا
ولا الـرمـحُ سُـدد نـحو النحور ولا الـسـيـف عاد حساما صقيلا
فـلـن تـسـمعي قعقعاتِ الرماح ولـن تـسـمـعي لسيوفٍ صليلا
ولا تـعـجـبـي فَهُمُو .. كفنوها بــأغـمـادِ ذل أبَـى أن يـزولا
وأنَّـى لـك الـيـوم أن تـنهضي وإنـي أراك كـثـيـبًـا مـهيلا؟
ولـو قـد نـهـضتِ فما مِن غَنَاءٍ وسـعـيـك مـا عـاد يُجدي فتيلا
ومـا قـيـمـةُ السعي إن لم يحقق إبـاءً وضـربـا يُـروِّي الـغليلا

* * *

فـنـامـي، فليس سوى أن تنامي ومـا عـدْتِ تـمـتـلكين البديلا
ولا تـحـلـمـي بـانطلاق جليل يَـرُودُ الـسـنـا والذُّرا والسهولا
تـعـيـشـيـن فيه ابتسامَ الصباح وشـمـسُ الأصيلِ تناجي الخميلا
وعـشـبـا نـديّـا لـذيذَ المذاق وريـحـا رخِـيّـا وظلاً .. ظليلا
ولـحـنـا يـجـود به في الربيع خـريـرُ مـيـاهٍ جـرت سلسبيلا
يـجـاوب فـيـه حفيفَ الغصون وتـغـريـدَ حـسّـونِـها والهديلا

* * *

وإيـاكِ أن تـصـهـلي فالصهيلُ سـيـحرمُك العشبَ عرضا وطولا
ولا تـضْـبـحي، فالضّباحُ سيغْدو إذا مـا ضـبحت .. دمًا أو عويلا
هـو الـصمتُ: أصبح أعلى مقاما وأجـدى مَـرامـا وأقْـومَ قـيـلا
وإيـاك أن تـحـلـمـي .. بالإباء فـإن الإبـاء .. غـدا iiمـسـتحيلا
فـنـامـي وشُـدّي عـليك الغطاء كـثـيـفًا .. كثيفًا .. ثقيلاً .. ثقيلاً
فـمَـنْ لـم يـنـم تاه منه الطريقُ ونـال مـن الـكـرب حظًا وبيلاً
ولا تـسـألـيـنـيَ: أين الدليل؟ فـقـد خـدع الـقـومُ عنك الدليلا
ولا تـسـألـيـنـيَ أين السبيل؟ فـإنـيَ أيـضـا ضـللتُ السبيلا
فــهـذا زمـان الـدعـيِّ الـذي بـه حَـرَمـوا الحرَّ حتى الرحيلا
وفـيـه اخـتفت مكرُماتُ الرجال وأنـكـر كـلُّ خـلـيـلٍ خـليلا
وعـاش بـه الـحر يخشى الحياةَ ويـخـشى المماتَ ويخشى المقِيلا
ويـخـشـى أنـامـلَـه إنْ سـها فـتُـرديـهِ غـدْرا بـخـنقٍ قتيلا

* * *

حـنـانـيـك نامي وشدي الغطاء ولـو كـان نـسج الغطاء الوحولا
فـإنـي رأيـت الـخـزايا تسود وشـاهـدت “عـنـتر” عبدًا ذليلاً
وقـد مـات فـي شـفتيه القصيد عـلـى جـلده السوط يهوى مهولا
يـنـادَى عـلـيـه “أمن يشتريه”؟ ويـدفـع فـيـه الـبخيس القليلا
و”طـارق شـد عـلـيـه الـوثاق يـعـذب فـي الـسجن حتى يميلا
ويـنـكـرَ مـا صـاغه من فتوح وحـقـق فـيـهـا انتصارًا جليلا
ويـحـنـيَ قـامـتَـه .. للدعيِّ ويـتـركَ “لُـذْريـقَ” كيما يصولا

* * *

وشـاهـدتُ “حـاتـم” عند القمامةِ يـنـشـد فـيـهـا فـتاتًا هزيلا
يـغـمِّـسُـه فـي دمـوع الهوان وقـد كـان بـالفضل بَرًّا وَصولا
فـمِـنْ قـبْـلُ شُدَّتْ إليه الرحالُ لـيُـقْـرِي الـجياعَ، ويأسو العليلا
فـواحـسـرتـا لأمـير الكرام وقـد بـات يـسـأل نـذلاً بخيلاً

* * *

فـنـامي، ونامي , ونامي الغَداةَ.. ونـامـي الـليالي، ونامي الأصيلا
فـسُـوَّاسـك الـيوم غرقى المنام رأيـتُ الـمـخـازي عليهم سُدولا
ذريـهـم نـيـامـا، ففي نومهمْ.. تـنـام الـمـظالم .. عنا .. قليلاً
فهم إن صحَوا ـ لحظة ـ يُـرْكبوا ويُـبـدُوا لـمن يَركبون .. القبولا
ولا يـكـتـفـون بـهذا القبول .. فـيـهدونه ـ بعدُ ـ شكرًا جزيلا
ولـيـس لـهم غيرُ أن يُـرْكبوا.. فـقـد سُـلِـبُوا عِرضَهم والعقولا
وراكـبـهـم .. كان في أرضِنا.. ـ وما زال ـ لصًا .. بغيًا .. دخيلاً
وسـارَ بِـهـم يـستبيحُ الحرام.. مُـذِلاً بـهـم نـجْدَنا .. والسهولا
يـمـيـلـون فـي ذلـةٍ وانكسارٍ إذا شـاء ـ في صَلَفٍ ـ أن يميلا
ولـو شـاء وجَّـهـهـم .. لليمين كـذا لـلـيـسار .. عقورا iiصئولا
تُــبـارك كـفَّـاهُ أقـفـاءَهـم فـصـارتْ لـكفيه تَحكي الطبولا
ولـو شـاء داسـهـمـو بـالنعال ولا يـسـتـحـي فوقهم أن يبولا
نـسـوا مشهدَ الرَّوْعِ في النازلاتِ وكـيـف يَـسُـلّـون سيفًا صقيلا
يَـروْن الـتـنـازل طـبعَ الكرام وخـوضَ الـمـعاركِ غدرًا وبيلا

* * *

خـيـولَ الـعـروبةِ، واحسرتاه لـقـد أصـبـح العار خُلْـقا نبيلا
ولـو جُـمِـعَ الـعـارُ حتى يُقاسَ بـعـارهـمـو كـان عارًا ضئيلا
أأبـكـي عـلـيكِ؟ أأبكي عليهم؟ أأبـكـي عـلـيـنا البكاءَ العويلا؟
ولـو شـئـتُ.. لن أستطيعَ البكاء فـحـتـى الـبـكاء غدا مستحيلا
فـقـد نـفـدَ الـدمـع من مقلتيَّ ومـجـراهـما جَفَّ عن أن يسيلا
ومـن يـبْـكِ صـار عَدوَّ النظام و “مـزدريـا”.. لا يراعي الأصولا
وأمَّـا الـنـقـابـيّ ـ يا ويلَهُ ـ فـعَـدُّوهُ “مـخـتـرِقًـا” أو عميلا

* * *

خـيـولَ الـعـروبةِ، واحسرتاه!! أجـيـبـيـ: متى تملكين البديلا؟
بـعـهـدٍ.. يـغـايـر عهد الدعيِّ نـعـيـش بـه الانـتصارَ الجليلا
ونـهـتـفُ “يـا خيلَ ربي اركبِي” ويـرجـعُ خـالـدُ يـحمي القبيلا
و”سـعـد” يـعـود يشقّ الصفوفَ ويـجـعـل جـيش الأعادي فلولا
ويـسـحـق سُـواسَـك الخائنين ومـن عـاش نـذلاً جـبانًا جَهولا
متى ـ يا خيولُ ـ متى ـ ترجعينَ كـما كنتِ – مِنْ قبلُ حقًا – خيولا؟

Print Friendly, PDF & Email
أشعار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img