img
رسالة إلى المجاهد محمود الزهار
img
Print pagePDF pageEmail page

رسالة إلى المجاهد محمود الزهار

والد الشهيدين

سيدي المجاهد المحتسب الدكتور محمود الزهار : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تأخرتُ عليك – يا سيدي – في أن أعزيك في ابننا الشهيد حسام، ولم يكن ذلك مني، فإني أقسمُ بالله أن نفسي فاضت بما فاضت، وأنا أراك تمعن النظر الآسي في وجه حسام الشهيد، وتحيط وجهه بكفيك، أمسكت بالقلم لأخط قصيدة، ولكن خانتني يدي فلم تستطع أن تمسك بالقلم، ولم يستطع القلم أن يقوم بها , ليفرغ ما في نفسي نحوك ونحو الشهيد، ونحو الشعب الفلسطيني البطل، وحاولت عدة مرات فعجزت . إلى أن جاد القلم بكلمات هي دون مستوى ما تستحق وما يستحق ابننا الشهيد، وشهداء فلسطين السابقين إلى الجنة.

رسالة إلى المجاهد محمود الزهار

 وأشهد أن صورتك ذكرتني برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قبض الله ابنه الوحيد إبراهيم، وعمره ستة عشر شهرا في العام العاشر من الهجرة , والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحمله على ذراعيه إلى مثواه الأخير، والدموع تغطي وجهه، ويقول ” ادفنوه في البقيع، فإن له مرضعا في الجنة تتم رضاعه.” وقال عليه الصلاة والسلام: “والله إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول ما يسخط الرب، ولولا أنه وعد حقّ , وموعود جامع , وأن الآخرة للأول تابع، لوجدنا (حزنا) عليك يا إبراهيم أفضل مما وجدناه , وإنا بك لمحزنون”.

 وذكرتني يا سيدي بمعنى ما جاء في الأثر من أن الله سبحانه وتعالى سأل عزرائيل أقبضت روح ابن فلان، فيقول: نعم يا ربنا. فيقول جل وعلا: فماذا قال عبدي بعد أن قبضتم ابنه، فيأتيه الجواب: حمدك يا الله واسترجعك، فيقول رب العزة: ابنوا له قصرًا في الجنة، وسموه قصر الحمد. “

 فتقبل يا سيدي الدكتور محمود الزهار، هذه الرسالة المتواضعة سقتها من قلبي ومهجتي:

عـزيـزٌ  على النفس أن تشهدا
ولـسـنـا نـشـيِّـع جـثمانَهُ
فـقـد عاش عمرًا يسر الصديقَ
ومـا كـان مـوتًـا ولكن حياة
فـمـن بعد “خالدِ” يمضي حسام
كـأنـي  بـخـالـدِ قـد شاقَهُ
سـويًّـا بـظـل نـعـيمٍ كريمٍ
فـلـبـى  “حـسامُ” نداء الخلود
من المسكِ أزكى، من النورِ أبهى
وقـد  سـمـع الـكونُ أصداءه
“جـعـلـنـا  الإلـهَ لـنا غاية
ودسـتـورنـا هـو قـرآنُـنا
وأمـا  الـسـبيلُ فدربُ الجهادِ
وأسـمـى الأمـانـي لقاءُ الإله
فـطـوبـى  لمن رام رضوانَه
هـمـا اثـنان لكن كحشدٍ حشيدٍ
وفـي  عـلـمه أن يكون القليل
يُـعـز الـقـليلَ ويُرْدِي الكثيرَ
ومـهـمـا رمـيـت فراميهمُو
“أبـا  خـالـدٍ” يـا نبيلَ الأسَى
كـأن دمـوعـك مـن قـلـبنا
ولـسـت  ألـوم؛ فـإن الفراقَ
فـقـد ذكّـرَتْـنا دموعَ الحبيبِ
وقـد  فـاض بـالحزن وجدانُهُ
إلـى صـدره ضـمـه ساعداه
ولـو  يـستطيع لكان الفؤادُ الزْ
وبـالـدمع  والحزن كان الوداعُ
ولـم  يُـغـضِب الربَّ في قالَةٍ
أحـكـامـنـا  يـا كبار المقام
كـبـارٌ ولـكـن صغار العقولِ
لـكم  صَخَبٌ لا تقلْ لي الطبولَ
أراكـم تـجـاه الأمـور الكبار
ومـا شـغـلتكم قضايا الشعوبِ
وسـلـمـتمو  باسم ” سلم” ذليلٍ
فـهـتـك  مـنـا نياط القلوب
ومـا فـيـكـمـو راشدٌ يَفتدِي
يـعـربـد “بـوش” بـكم عابثًا
يـسـوقـكمُو  كالقطيعِ المطيعِ
أسـود  عـلى الشعب لكن نعامٌ
وعـشـتـم تـودون منه الودادَ
وأصـبـح  إرضـاؤه غـايـةً
أحـكـامـنـا  يـا كبار المقام
ألـم تـشهدوا غزةً في الحصارِ
وأبـنـاؤهـا في العراءِ الوبيلِ
جـيـاعًا  عطاشًى ومرضاهمو
هـو الـلـيـلُ يغمرهم بالسهادِ
يـنـادونـكم  في أسًى مستجيرٍ
فـكـيـف  تـنـامون يا ويلكم
وكـيـف  يـطـيبُ لكم مطعمٌ
وهـذي  حـياةَ نرى عن قريبٍ
سـنـتـركـكم لانتقامِ الشعوبِ
“أبـا خـالـدٍ” فاض مني اليراعُ
سـنـاهـا “حسامُ” الزكيُّ الأبيُّ
هـو الـنـصـرُ، هذي أماراتُهُ
فـطـوبى لكم موعدٌ في الجنان
دمـوعـك  تـحكي لنا المشهدا
ولـكـن شـهـدنـا بـه مولدا
تـلاه  مـمـاتٌ يـغـيظ العِدا
لأرض وشـعـب غَـدَا سـيدا
إلـى  جـنـة الله مـسـتشهدا
لـقـاءُ  حـسـامٍ لـكي يخلُدا:
مـقـيـمٍ ولـيـس لـه مُنتهَى
بـدمٍّ تـعـطـرَ مـنـه المدَى
يـشـوقُ الـخلائقَ منه الصدى
كـصـوت الـمـلائكِ إذ رددا:
وقـدوتـنـا الـمصطفى أحمدا
وأَنْــعِـمُ بـآيـاتـهِ مـوردا
سـلـكـنـاه  بـالدمِّ كي نسعدا
إلـى  حـيـث أرزاقه والندى”
وسـار  بـدرب الهدى واهتدى
فـقـد  رضعا من “حماسِ” الفدا
بـإيـمـانـه  قَـدَرًا مُـرصَدا
إذا  صـدَّ عـن ديـنه واعتدى
هــو اللهُ لا أنـتَ قـد سـددا
وصـبـرك فـي الله لـن ينفدا
نـزيـفٌ  يفوق الشجَى والردى
يـفـتـت  مـن حـرِّه الأكبدا
نـبـيِّ  الهدى المصطفى أحمدا
ي_ـودع واحِ_ـدَهُ الأوْح_ـدا
وفـي قـبـره طـاهـرًا وسدا
زَكـيَّ الـطـهـورُ لـه مرقدا
بـصـبـرٍيـدوم  هدًى سرْمدا
فـطـوبـى لـمن بالنبي اقتدى
خـسـئتم  وهنتم وصرتم سُدى
وعـاركـمـو  يُـخجلُ الفَرْقَدا
وفـيـضُ ضجيجٍ يُغطْى المدى
ضـريـرًا وأعـورَ أو أرْمَـدا
وعِـرضٌ عـلـيه العدو اعتدى
وتــرتــعــدون إذا هـددا
ومـزق  مـن سـهـمِهِ الأكْبُدا
ومـا مـنـكـمـو عادِل يُفتدَى
فـهـنـتـم وصـرتم له أعبُدا
فـكـنـتـم  لـه ركّـعًا سجَّدا
إذا مـا عـدوكـمـو اسـتأسدا
وكـم  ذا مـددتـم إلـيـه اليدا
إذا  مــا تـوعـد أو أرْعـدا
خـسـئتم  وهنتم وصرتم سدى
وظـلـمُ الـظـلامِ بـها عربدا
يـهـيـمـون  في بردها شُرَّدا
ولا  رحـمـةً يـطعمون الردى
وفـجـرهـمـو  قد غدا أسودا
ولـم يـجـدوا فـيـكمو مُنجِدا
بـأحـضـانِ دفءٍ وحـلم شدا
كـذا  مـشربٌ من رحيق الندى
تـقـودكـمـو لـلردى الأنكدا
ومـا هـو إلا الـلـظى المُوقَدا
خـواطـرَ  عـشتُ بها المشهدا
وقـد راح لـلـه مـسـتـشهدا
سـنـشـهـده مـن قريبٍ غَدَا
وأنْـعِـمْ  بـه سـيـدي موعدا

 

Print Friendly, PDF & Email
أشعار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img