img
حسن البنا والإخوان وضبابية الفكر
img
Print pagePDF pageEmail page

حسن البنا والإخوان وضبابية الفكر

 

يذهب بعضهم إلى أن الجماعة –في دور التأسيس بخاصة- “قد أحاطت فكرها بقدر كبير من العموميات مما جعله يتسم بالغموض”([1]).

 

ويستند أصحاب هذا الرأي إلى بعض مقولات المرشد مثل:

 

1- دعوتنا إسلامية بكل ما تحتمل الكلمة من معان، فافهم منها ما شئت بعد ذلك، وأنت في فهمك هذا مقيد بكتاب الله وسنة رسوله، وسيرة السلف الصالح من المسلمين.

 

2- “أيها الإخوان: أنتم لستم جمعية خيرية، ولا حزبا سياسيًا، ولا هيئة موضعية لأغراض محددة المقاصد، ولكنكم روح جديد يسرى في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن.. وصوت داوٍ يعلو مرددًا دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس”.

 

3- “..دعوة الإخوان فكرة جامعة تضم كل المعاني الإصلاحية: فهي دعوة سلفية، وحقيقة صوفية، وهيئة سياسية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية وثقافية، وشركة اقتصادية..” ([2]).

4- “.. سننتقل من حيز الدعوة الخاصة إلى الدعوة العامة أيضًا، ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال، ولسنا بذلك نخالف خطتنا أو ننحرف عن طريقنا –بالتدخل في السياسة-كما يقول الذين لا يعلمون- ولكننا ننتقل بذلك خطوة ثانية في طريقتنا الإسلامية، وخطتنا المحمدية، ومنهاجنا القرآني، ولا ذنب لنا أن تكون السياسة جزءًا من الدين، وأن يشمل الإسلام الحاكمين، كما يشمل المحكومين..” ([3]).

 

ويرى هؤلاء أن الجماعة تعمد لوضع إطار فضفاض لفكرها العام يمكنها من التعامل مع السلطة ومع القوى السياسية الأخرى بقدر كبير من حرية الحركة، وبما لا يجعلها تخضع لقوانين ونظم محددة كسائر القوى السياسية، وفي الوقت نفسه يساعدها في جذب الكثيرين من الأعضاء لها في ظل شعارات عريضة غير محددة المعاني”.

 

ولعل أبرز الأخطاء التي وقع فيها أصحاب هذه الوجهة ربطهم الحاد بين ما سموه ” بالعموميات” وبين “الغموض”، مع أنه لا تلازم ضروريا بين الأمرين، فهذه “العموميات” –في مرحلة نشأة الدعوة بخاصة- كانت ومازالت تعني التمثيل الكلي الطبعي “لثوابت” الدعوة، والأبعاد الرئيسية لشخصية الجماعة، وبعد ذلك –وهو وضع طبعي أيضًا- جاء التفصيل على مدى عشرين عامًا، هي عمر الدعوة في حياة الإمام الشهيد.

 

وأين الغموض فيما ذكره الإمام البنا من أن الإخوان يعتنقون ويعرضون الإسلام “بمفهومه الشمولي” ؟. ثم نرى الإمام البنا يعرف “هوية” الجماعة تعريفا مانعا جامعا -كما يقول المناطقة- وذلك من ناحتين: سلبية وإيجابية: فنفي عنها محدودية الطابع، وإنحصارية المجال، فهي ليست جمعية خيرية، ولا حزبا سياسيًا، ولا هيئة موضعية محدودة المقاصد… إلخ، ولو كانت كذلك لما كانت الساحة العربية أو المصرية في حاجة إليها، لوجود الأحزاب والجماعات المحصورة في نطاق هذه المحدودات.

 

وإيجابا أثبت الإمام المرشد لها “المواصفات” التي لم تجتمع لحزب أو جمعية قائمة آنذاك. وهذه المواصفات تمثل الطوابع والأبعاد الحية للإسلام، وهي طوابع سلفية، وروحية، ورياضية (عسكرية)، وثقافية، وعلمية، وسياسية، وكلها تعكس حقيقة الإسلام بمفهومه الشمولي.

 

ودأب الإمام الشهيد على تفصيل هذه “العموميات” وشرحها في خطبه وأحاديثه ورسائله، وانطلق علماء الإخوان ومفكروهم من تلاميذ حسن البنا ومريديه فكتبوا عشرات –بل مئات- من الكتب والدراسات ارتكازًا على هذه الأصول و”العموميات”.

 

إن مقولات حسن البنا لا يستعصي فهمها على نصف المتعلم، بل على الرجل الأمي، ولو كانت هذه “العموميات” غامضة مستعصية على الأفهام ما استطاع الإمام البنا أن يجمع حوله مئات الألوف من الشباب والكهول والشيوخ , ومنهم نسبة عالية جدًا من الفلاحين والعمال كانوا يفهمون هذه الكلمات، ويتدارسونها في “الأُسَر” , وينشرونها بين الناس على نطاق واسع.

 

وهذه “الشمولية القاعدية” لم يكن الهدف منها –كما قيل- “الانفلات” من الأنظمة والقوانين، فتاريخ الجماعة مع نظم الحكم معروفة، ولم تتعرض جماعة للاضطهاد والظلم والقتل والسجن والتشريد –في مصر والشرق العربي- كما تعرضت جماعة الإخوان ,وذلك باسم “قوانين ونظم” وضعت على مدى أربعة عهود –ابتداء من عهد الملك فاروق حتى الآن.

 

وقد ثبت –ابتداء من عشرينيات هذا القرن- أن القوانين في مجال العمل السياسي والحزبي لا يرتبط تطبيقها بعموميات وخصوصيات في منظومة مبادئ الأحزاب والجماعات، ولكن تطبيقها وإعمالها يرتبط –في كل الحالات- بمشيئة الحاكم، وبعضها –كما رأينا في العقد الأخير- يشرع وينفذ “بالمنهج الترزي” أي “يقص” و”يفصل”، و”يحاك” على قَـدٍّ معين لا يتعداه، وذلك تبعا لمشيئة سياسية عليا تملك من الإمكانات والآليات ما يمكنها من إخراس أي لسان.. بل قطعه.

 

**********

 

ويرتبط بفرية “الغموض” اتهام الإخوان بأنهم “يخوضون الحياة السياسية دون أن يكون لهم برنامج محدد”. وأقول: إننا في مصر والشرق العربي لا ينقصنا اللوائح والبرامج والقوانين بقدر ما ينقصنا النوايا الطيبة والعزم الصادم والتنفيذ الأمين.

 

ولعل مثل هذا الحال هو ما دفع المفكر “الكسيس كاريل” إلى قوله: “إن البرنامج قد يخفي التجربة الحية خلف درع صلبة، إنه سيمنع انبثاق غير المتنبأ به، ويحبس المستقبل داخل حدود عقلنا”([4]).

وما أكثر البرامج التي طرحتها الأحزاب المصرية ابتداء من حزب الوفد ومرورًا بأحزاب الثورة: هيئة التحرير , والاتحاد القومي , والاتحاد الاشتراكي وحزب مصر والحزب الوطني، وكانت الحصيلة التي تعود على الوطن ضئيلة.. ضئيلة جدًا، ولا أريد أن أعرض في هذه الصفحات لمظاهر الخلف والإنكسارات التي جرتنا إليها هذه الأحزاب والحكومات التي تمثلها على الرغم من “مثالية” برامجها، وذلك لافتقارها لما ذكرته من النوايا الطيبة وصدق العزم، وأمانة التنفيذ.

ومع ذلك أقول: إذا كان المقصود بالبرنامج تحديد هوية الحزب أو التجمع السياسي وخطة عمله: وسائل وأهدافا، فإن لهذا كله وجوده المسجل في لوائح الإخوان وقانونهم الأساسي وكتبهم، وهي تعد بالمئات، بل إنهم –جماعة وأفرادًا- يأخذون أنفسهم عمليا وسلوكيا بما كتبوا ونظروا، وكان وجودهم الغالب في النقابات المهنية كنقابة المحامين ونقابة المهندسين ونقابة الأطباء، وما حققوه من كسوب –لا سابقة لها- لأعضاء هذه النقابات.. تطبيقا عمليا لبعض برنامج الجماعة في نطاق هذه القطاعات.

وأصحاب الفقه السياسي عرفوا “البرنامج الحزبي” “Party Platform” بأنه بيان علني يصدره حزب من الأحزاب حول خطة الحزب وسياسته وأهدافه والوسائل التي يتوخى استخدامها لتحقيقها في حال تسلمه زمام الحكم، أو إبان تسلمه الحكومة، أو من خلال وجوده في المعارضة وخارج الحكم([5]).

ولكنهم ذكروا كذلك أنه “بالنسبة للأحزاب العقائدية فإن البرنامج يشكل جزءًا من نضال طويل ثابت الأهداف، متغير الشعارات، والمقصود بتغير الشعارات تطوير الوسائل والآليات وما يقبل التطوير من المبادئ دون النيل من الثوابت والأساسيات،  ومصداقية ذلك نراه في رسائل الإمام الشهيد ومؤتمرات الإخوان وطروحاتهم الفكرية، وذلك يؤكد أن اتهام هذا المعروض بالغموض مسألة تتعلق “بالمتلقي” لا بالعارض الداعية، ولا بالمعروض الفكري والعقدي في ذاته، وتعليل هذه “الظاهرة” يتخلص فيما يأتي:

1- سوء النية، والحرص على تشويه منظومة الفكر الإخواني لأسباب ودوافع مصلحية خاصة أو حزبية أو سلطوية أو غيرها.

2- سطحية القراءة وضعف الاستيعاب والاكتفاء بقراءة جزئيات مبتورة من سياقاتها، وبناء أحكام عليها تحمل في طياتها نوعا من إيهام الآخرين بدقتها وحسمها، وعدم قابليتها للمراجعة.      
ومن فضول القول أن أقرر هنا أن الحكم لا يأخذ صورة الحسم العلمي الدقيق إلا بعد قراءة شاملة متعمقة لمطروحات المرشد العام ومفكري الجماعة في المجالات السياسية والاجتماعية والعقدية، ومعالجة كل أولئك بفكر مفتوح ومنهج علمي، بعيدًا عن التحيز والتعصب والأثرة.

3- التشكيك في قدرة الإسلاميين على الحكم، فالمعروف أن جماعة الإخوان هي كبرى الحركات الإسلامية في القرن العشرين –كما وصفها بحق الدكتور إسحق موسى الحسيني في كتابه الموسوم بهذا العنوان- والمعروف أن الإخوان المسلمين يدعون إلى إقامة خلافة إسلامية وحكم إسلامي على أساس من القرآن والسنة , مع الإفادة من التجارب والمعطيات والآليات والأساليب المعاصرة. وتشويه الطروحات الإخوانية وإنكار قدرة الإخوان على تولي الحكم وقيادة مسيرة الشعب ينسحب –من باب أولى- على الجماعات والحركات الإسلامية الأخرى، لا في مصر فقط، ولكن على مستوى العالم العربي والعالم الإسلامي.

 

ولم تتوقف مسيرة الأكاذيب

لقد بدأت دعوة الإخوان من قرابة خمسة و سبعين عامًا، ومضى على استشهاد الإمام البنا ستة وخمسون عاما ، ومع ذلك مازال المرشد ودعوته هدفا لسهام الإفك والكذب والاتهامات الباطلة، والذين يتولون كِـبْر هذه الحملات يستغلون ضعف ذاكرة شعبنا الطيب , وبُـعْد العهد بين الشباب المعاصر ودعوة  الإخوان في مطالعها، فيبسطون القول والاتهامات كما يشاءون، وفي الصحف والمجلات القومية متسع رحيب لمثل هذه الاتهامات في شكل مذكرات أو ذكريات، أو فصول تاريخية بعيدة كل البعد عن الإنصاف.

ولعل الجديد في هذا المجال نزول رجال السلطة من قادة المباحث وأمن الدولة ميدان التأليف، ومن هؤلاء اللواء فؤاد علام مسئول أمن الدولة الكبير الذي كان يتولى أمر الإخوان في المعتقلات , فقد كتب الرجل “مذكراته” في مجلة ” روزاليوسف”، ثم جمعها بعد ذلك في كتاب ضخم مطبوع طباعة فاخرة([6]).

والكتاب غاص بالأكاذيب والمفتريات والمخالفات الصارخة لكثير جدًا من الحقائق التاريخية، مع أن كثيرًا منها ثابت في وثائق رسمية وأحكام قضائية نهائية.

ويطول بنا المسار لو رحنا نفند تفصيليا ما جاء في هذا الكتاب لهشاشته وضعفه الصارخ، ثم لأن هذا التفنيد ورد في تضاعيف بحوث ومقالات أخرى ، ولكن هذا لا يمنعنا من نقض بعض الأكاذيب الصارخة، ونكتفي بنماذج قليلة تبين عن منهج الكتاب وطبيعته مضامينه:

فالبنا في نظر فؤاد علام “كان يهوى الزعامة والسلطة، ويسعى إليهما مهما كان الثمن، وعشق العمل السري، واتخذ منه أسلوبا لتحقيق أهدافه، وكان حلمه الذي لم يتحقق هو أن يصبح خليفة للمسلمين”.

وأحمد السكري – كما يزعم فؤاد علام – ” هوالمؤسس الحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين في المحمودية سنة 1920، وحسن البنا ليس المؤسس الحقيقي لها، بل سرقها من السكري، وبعد أن استولي عليها طرد السكري من الجماعة، وتنكر له، بسبب خلافه مع ذئب النساء، وهاتك الأعراض عبد الحكيم عابدين”([7]).

والكلام السابق يقطع بالجهل المطبق , أو التجاهل الفادح لحقائق التاريخ، وهو يشهد أن التاريخ المذكور هو تاريخ إنشاء جمعية إصلاحية في المحمودية، باسم “الجمعية الحصافية الخيرية” انتخب أحمد السكري رئيسا لها، وحسن البنا سكرتيرًا، وكان أحمد السكري أكبر من حسن البنا بقرابة خمس سنين، وكان السكري تاجرًا مستقرًا بالمحمودية , أما حسن البنا فكان آنذاك طالبا بمدرسة المعلمين، وكانت هذه الجمعية ذات طابع محلي إصلاحي محصور محدد، وقد ذكرنا ذلك في كتابات أخرى .

أما أول جمعية “للإخوان المسلمين” فقد نشأت على يد حسن البنا بمدينة الإسماعيلية في ذي القعدة 1347هـ- مارس 1928، وكان المؤسسون ستة من أهل المدينة، ولم يكن السكري واحدًا من هؤلاء المؤسسين الذين قصدوا حسن وبايعوه([8]).

ومن عجب أن ينقض علام بعد ذلك ما قاله فيقول بالحرف الواحد: “وأسس حسن البنا معهم (العمال) أول فرع لشعبة الإخوان في مدينة الإسماعيلية سنة 1928م).

ولكن دعك من هذا واقرأ معي العبارات التالية من كتاب “علام”، وأقسم لك بأغلظ الأيمان أنني أنقلها حرفيا، فصدقني وصدق عينيك (والكتاب موجود بلا أخطاء مطبعية).

يقول علام:

“الإخوان وحرب فلسطين من الأكاذيب الكبرى التي اخترعها حسن البنا والذين معه. نسجوا قصص بطولات تتحدث عن تضحياتهم وشهدائهم، والدماء التي أريقت على أرض فلسطين الحبيبة، وصوروا للبسطاء أنهم هم الذين خاضوا جميع المعارك على تلك الأرض المقدسة.

ولكن الحقيقة غير ذلك تمامًا، لم يقدموا شهيدًا، ولم يطلقوا رصاصة، ولم يريقوا قطرة دماء واحدة، ولم يستطع واحد منهم أن يقدم أي دليل على صدق ما يقول..”.

وما ادعاه علام ينقضه شهادات رجال وقادة عرفوا بصدقتهم وأمانتهم وجهادهم وسمعتهم الطيبة على مستوى الشعب والدولة والوطن العربي مثل الحاج أمين الحسيني مفتى فلسين، وأحمد المواوي وفؤاد صادق قائدي الجيش المصري في فلسطين، والسيد طه (الضبع الأسود) قائد الفيلق المصري الذي كان محاصرًا في “الفالوجا” , وكان لمعروف الحضري – أحد ضباط الإخوان – الفضل الأكبر في إمداد الفيلق المحاصر بالأغذية والمؤن. وهذه الشهادات –أو أغلبها- ثابتة في سجلات ووثائق القضاء المصري.

وما أدعاه “علام” ينقضه رجال من الإخوان أحياء كانوا جنودًا في فصائل الإخوان المجاهدين في فلسطين.

وينقضه كذلك أبناء هؤلاء الشهداء، وهم مازالوا أحياء  .

بل ينقضه الصهاينة أنفسهم، ومنهم قادة كبار صرحوا إبان الحرب أنهم يتفادون مواجهة مقاتلي الإخوان لأنهم “يحاربون باستماتة وجنون طمعا في عالم موهوم اسمه الجنة فيه خمر ونساء وأطايب الطعام..” على حد قولهم.

ولن أحيل “علام” على كتاب أحد قادة الإخوان المجاهدين وهو “الإخوان المسلمون في حرب فلسطين” لكامل الشريف ليقرأ بطولات الإخوان في معارك “كفار ديروم” ودير البلح، والعسلوج وبير سبع والتبة 86، ويقرأ في الكتاب القوائم التي تضم أسماء شهداء الإخوان.. لن أحيله على الكتاب المذكور، ولكن أحيله على ما كتبه الأمريكي ريتشارد .ب ميشيل في أطروحته الأكاديمية الموثقة عن جهاد الإخوان وبطولاتهم في فلسطين، وهو موضوع تناولته أطروحات جامعية في الجامعات المصرية والعربية.

ويستكمل كتاب علام منظومة الأكاذيب والأباطيل، فنقرأ فيه العبارات الآتية:

–   لعب عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان المسلمين دور العميل المزدوج بين المباحث والإخوان، ولكنه ضحك على الاثنين معًا.

–   “دعاة ولسنا قضاة” (كذا) أخطر كتاب لحسن الهضيبي المرشد العام الأسبق للإخوان المسلمين لم يؤلفه الهضيبي، ولم يكتب حرفا واحدًا فيه، وإنما صنعته مباحث أمن الدولة.

–   قررت الهيئة التأسيسية للإخوان (120عضوًا) فصل حسن الهضيبي لعجزه عن التفاهم مع الثورة، وبعد ذلك بأيام قليلة ارتكب أنصار الهضيبي حادث المنشية ردًا على فصل الهضيبي من منصبه.

والحقيقة أن حسن الهضيبي ظل مرشدًا للإخوان إلى أن لقي ربه، فحمل أمانة المرشدية بعده عمر التلمساني، والهيئة التأسيسية لم تفصل حسن الهضيبي على الرغم من محاولات عبد الناصر وحكومته شق الصف الإخواني، وإشعال الفتن داخل الجماعة.

أما حادث إطلاق الرصاص على عبد الناصر في ميدان المنشية بالإسكندرية فقد  كشفت الأيام عن أنه كان مجرد تمثيلية قدمت لتحقيق هدفين:

الأول: ضرب الإخوان بوصفهم – كذبا بأنهم – “جماعة إرهابية تسعى للتخريب والتدمير والاغتيال”.

والثاني: جذب عواطف الشعب “الطيب” نحو عبد الناصر، وتلميع شخصيته، وإسقاط “محمد نجيب” القائد الحقيقي للثورة، وقد اتهمه عبد الناصر ورفاقه بعد ذلك بأنه ضليع في مؤامرة المنشية.

  

————————-

الهوامش:

(1) تقرير الحالة الدينية.

(2) (وقد أحال الكاتب على مجلة (الإخوان المسلمين) العدد 30- الصادر في 29 من نوفمبر 1934).

(3) كما أحال الكاتب على العدد الأول من مجلة “النذير” – 30 من ربيع الأول 1357هـ.

(4) الكسيس كاريل: الإنسان ذلك المجهول 359 (تعريب شفيق أسعد فريد –مكتبة المعارف –بيروت.ط (3) 1980.

(5) موسوعة السياسة: عبد الوهاب الكيالي وآخرون.

(6) كتاب “الإخوان وأنا” لفؤاد علام، وشارك في صياغته صحفي بمؤسسة روزاليوسف يدعي كرم جبر، والكتاب تقترب صفحاته من الستمائة صفحة [المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر –القاهرة ط1، 1966].

(7) عن محمود عبد الحليم (الإخوان المسلمون..) 1/457-464، وانظر: تعليق صالح أبو رقيق ص 40 (هامش) من  كتاب ميتشل ” الإخوان المسلمون”.

(8) حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية 95-96.

Print Friendly, PDF & Email
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

img
القائمة البريدية
img